الوضع القانوني لأسرى المقاومــة الفلسطينية

الوضع القانوني لأسرى المقاومــة الفلسطينية

  • الوضع القانوني لأسرى المقاومــة الفلسطينية

اخرى قبل 3 سنة

الوضع القانوني لأسرى المقاومــة الفلسطينية

دراسات سياسية, دراسات وأبحاث

[*]د. كـــمال قبعـــة

تتصدر قضية الأسرى الفلسطينيين جدول العمل الوطني على الصعيدين الرسمي والشعبي، جراء ما يعانونه من إجراءات وتدابير من قبل سلطات السجون والمعتقلات الإسرائيلية، الأمر الذي أدى إلى حالة استشهاد أحدهم بسبب التعذيب المنهجي والوحشي، وإبعاد تعسفي لبعضهم إلى قطاع غزة، ووجود بعضهم في شبه حالة احتضار بسبب الإهمال الطبي، ومعاناة الأغلبية الساحقة منهم من إضراب الأمعاء الخاوية الأسطوري الذي لا يزال سارياً حتى كتابة هذه الدراسة.

وستحاول هذه الدراسة الإسهام في تناول أجوبة بعض الأسئلة بشأن العديد من الجوانب القانونية، والتي تتعلق بالوضع القانوني لأسرى المقاومة الفلسطينية، من حيث مدى مشروعية نضالهم وكفاحهم في ضوء مبادئ وقواعد وأحكام الاتفاقيات الدولية الشارعة والمعترف بها عموماً من دول وشعوب الكرة الأرضية. وهل كفلت تلك الاتفاقيات وضعاً وحقوقاً يحميها القانون الدولي عموماَ والقانون الدولي الإنساني خاصة؟ وكيف نشأت وتطور الإطار القانوني الدول الحمائي لوضع الأسرى وحقوقهم؟ وما هي تلك الحقوق، وكيف يتوجب إنفاذها، وما واجبات سلطات دولة الاحتلال تجاه تطبيقها والالتزام بها؟

وقد حاولت الدراسة إظهار جوانب الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للوضع القانوني الدولي للأسرى، حيث لا تزال إسرائيل تمعن بالادعاء بأنهم “إرهابيون” و”مخربون”، وترفض من حيث المبدأ اعتبارهم أسرى، وتطلق العنان لتدابير وإجراءات الاعتقالات الواسعة لآلاف المواطنين، وانتهاج التعذيب المنهجي، والاعتقال الإداري، والعزل الانفرادي، وتصفية واغتيال الأسرى، واعتقال وتعذيب الأطفال، والإهمال الطبي، واحتجاز جثامين الشهداء واستئصال أعضائهم والمتاجرة بها… وغيرها من الجرائم المرتكبة ضد الأسرى الفلسطينيين. وقد تم إنهاء الدراسة بعدد من الاستنتاجات والتوصية بعدد من الاقتراحات الواجبة.

المناضلون أسرى حرب

المقاومة الشعبية للاحتلال ظاهرة حفل بها التاريخ. وقد احترم المجتمع الدولي هذا الحق في أكثر من مناسبة؛ ولذا فإن حق المقاومة “ليست مسألة طارئة فاجأت القانون الدولي، وإنما هي مسألة وُجدت وطُرحت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما جرت المحاولات الأولى لتقنين قواعد الحرب[1]. وحق مقاومة العدوان والاحتلال والاستعمار والأنظمة العنصرية، ليس فقط حقاً للشعوب بل هو واجب وطني وحق من الحقوق الطبيعية اللصيقة بالمواطن[2].

وأكدت اتفاقية لاهاي وجوب معاملة أعضاء حركات المقاومة المنظمة كأسرى حرب في حال اعتقالهم. واعترفت المادة الثانية من لائحة الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي لعام 1907 بصفة المحاربين، للسكان المدنيين الذين يندفعون في مقاومة المعتدي دون أن يكون لهم الوقت في تنظيم صفوفهم؛ وعرفت الشعب القائم أو المنتفض في وجه العدو بـ”مجموعة المواطنين من سكان الأراضي المحتلة، الذين يحملون السلاح ويتقدمون لقتال العدو، سواء كان ذلك بأمر من حكومتهم أو بدافع من وطنيتهم أو واجبهم”. ومن ثم اعتبرت هذه الاتفاقية هؤلاء المواطنين، “من قبيل القوات النظامية تنطبق عليهم صفة المحاربين”، شريطة أن يتوافر فيهم شرطان:

  1. حمل السلاح علناً؛
  2. التقيد بقوانين الحرب وأعرافها.

أما فيما يتعلق بالمليشيات والمتطوعين من قوات التحرير، فقد عالجت أمرهم المادة الاولى من اللائحة الملحقة بالاتفاقية الرابعة للعام 1907، والتى تمنح أفراد هذه المليشيات صفة المحاربين النظاميين، وتنطبق عليها قوانين الحرب وحقوقها وواجباتها، إذا توافرت فيها الشروط الأربعة التالية[3]:

  • أن يكون على رأسها شخص مسؤول عن مرؤوسيه؛
  • أن تكون لها شارة مميزة ثابتة يمكن التعرّف عليها عن بُعد؛
  • أن تحمل الأسلحة علناً؛
  • أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وأعرافها.

وأصرت الدول الاستعمارية عند وضع اتفاقيات جنيف في آب (أغسطس) 1949، على إيراد عبارة حركات المقاومة المنظمة، بغية تضييق الخناق على الثورات المسلحة ضد سلطات الاحتلال. وقد أكدت المادة 44 من البروتوكول الاول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949[4]، على ضرورة توافر شرطي وضع إشارة مميزة وحمل السلاح علناً، للاستفادة مما يقره القانون الدولي من حقوق وحماية قانونية دولية للمناضلين في سبيل تحرير أوطانهم.

وقد ساوت المادة 43 من البروتوكول الإضافى الأول لعام 1977 بين قوات منظمات التحرير والقوات المسلحة التابعة للدول، ووضعت لهم تعريفاً شاملاً وألزمت القوات المسلحة التابعة للدول وكافة مجموعات ومنظمات التحرير بالشرطين الأول والرابع الواردين في لائحة لاهاي 1907 واتفاقية جنيف الثالثة. أما المادة 44 من البروتوكول الأول فقد خففت من الشرطين الثاني والثالث، بحيث يلتزم المقاتلون “بأن يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين أثناء اشتباكهم في هجوم أو عملية عسكرية تجيز الهجوم”، ويمكنهم أن يميزوا أنفسهم بأي شيء يختارونه بدلاً من وضع علامة مميزة؛ وترتيباً على ما سبق فإن الأسير هو كل مقاتل يقع في قبضة الخصم.

ولا يخفى ما في هذه الشروط من إجحاف بحق المقاومة، والتي يتسم نشاطها غالبا بالسرية. كما أن حمل السلاح علناً لم يعد أمراً معقولاً في عمليات الحروب الحديثة. لذلك وجد الكثيرون أن الشرطين المتعلقين بالشارة المميزة وحمل السلاح علناً، لم يعودا يشكلان قيدين واجبي الاحترام. وقد تفهمت المحاكم المنشأة بعد الحرب العالمية الثانية هذه الصعوبات، فاتخذت موقفاً ليناً تجاه حركات المقاومة التي لم تلتزم كلياً بهذه الشروط[5]. وقد ساوت المادة 43 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 بين قوات منظمات التحرير والقوات المسلحة التابعة للدول، ووضعت لهم تعريفًا شاملاً وألزمت القوات المسلحة التابعة للدول وكافة مجموعات ومنظمات التحرير بالشرطين الأول والرابع الواردين في لائحة لاهاي 1907 واتفاقية جنيف الثالثة. أما المادة 44 من البروتوكول الأول فقد خففت من الشرطين الثاني والثالث بحيث يلتزم المقاتلون “بأن يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين أثناء اشتباكهم في هجوم أو عملية عسكرية تجيز الهجوم”، ويمكنهم أن يميزوا أنفسهم بأي شيء يختارونه بدلاً من وضع علامة مميزة. وترتيباً على ما سبق فإن الأسير هو كل مقاتل يقع في قبضة الخصم.

وينبثق مبدأ حق مقاومة الاحتلال والغزو الأجنبي، أساساً من مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال الوطني. وقد أكدت الأمم المتحدة هذا الحق في ميثاقها الصادر سنة 1945 في الفقرة الثانية من المادة الأولى، والخاصة بأهداف الأمم المتحدة بنصها وهي تتحدث عن تطوير العلاقات بين الدول: “وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز السلم الدولي”. وقد تكرر هذا التأكيد في المادة 55 من الميثاق، والتي تنص على أنه “رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضرورية لقيام علاقات سلمية وودية بين الأمم، مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها”. ولعل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول منح الاستقلال للشعوب والأقاليم المستعمرة[6]، يشكل النص الأوضح والأكثر تقدماً على هذا الصعيد حيث جاء فيه:

“1- إن خضوع الشعوب للاستعباد الأجنبي أو سيطرته أو استغلاله، يعتبر إنكاراً لحقوق الإنسان الأساسية ويناقض ميثاق الأمم المتحدة ويهدد قضية السلام والتعاون في العالم.

2- لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية نظامها السياسي، وأن تسعى في ظل هذه الحرية إلى تحقيق نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

3- يجب ألا يتخذ بأي حال تخلف الإقليم في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي، ذريعة لتأخير الاستقلال.

4- يوضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو أعمال القمع الموجهة ضد الشعوب غير المستقلة، حتى تتمكن من أن تمارس بسلام وحرية حقها في الاستقلال التام وتضمن سلامة إقليمها الوطني.

5- كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية أو سلامة إقليم أي بلد، تعتبر منافية لأهداف ميثاق الأمم المتحدة”.

وقد كانت الشرعية الدولية واضحة في إعطاء الحق لكل أمة محتلة، لكي تدافع عن استقلالها بكل الوسائل بما فيها الكفاح المسلح حتى يتحقق لها هدفها المنشود. وقد فرقت مبادئ وقواعد وأحكام القانون الدولي بكل وضوح بين المقاومة المشروعة والإرهاب. وتعترف المادة 7 من تعريف العدوان[7]، بشرعية نضال الشعوب تحت الهيمنة الاستعمارية أو الأجنبية، ولا يعتبر نضال الشعوب من أجل تحررها وانعتاقها بأي حال من الأحوال عملاً عدوانياً أو إرهابياً، بل هو فعل شعبي وممارسة مشروعة للشعوب بموجب مبادئ وقواعد القانون الدولي.

وقد وضعت الشرعية الدولية إطاراً دولياً حامياً، للمناضلين من أجل الحرية والاستقلال من الاحتلال والهيمنة الأجنبية والاستعمارية. فالمادة 1 (4) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، تعتبر أن النضال من أجل تقرير المصير هو حالة من حالات النزاعات المسلحة الدولية. وفي ضوء محاولات الخلط بين كفاح الشعوب المشروع بموجب القانون الدولي وظاهرة الإرهاب الدولي غير المشروع، أكد “إعلان جنيف حول الإرهاب”، على “أن الشعوب التي تقاتل ضد الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي وضد النظم العنصرية، في ممارسة حقهم في تقرير المصير، لديهم الحق في استخدام القوة من أجل تحقيق أهدافهم وفقاً للقانون الدولي الإنساني. ومثل هذه الاستخدامات الشرعية للقوة، يجب عدم خلطها بأفعال الإرهاب الدولي”.

وتنطبق اتفاقية جنيف الثالثة[8]في حالة الحرب المعلنة أو أي اشتباك مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يعترف أحدها بحالة الحرب [..] وإذا لم تكن إحدى دول النزاع طرفا في هذه الاتفاقية، فإن دول النزاع الأطراف فيها تبقي مع ذلك ملتزمة بها في علاقاتها المتبادلة. كما أنها تلتزم بالاتفاقية إزاء الدولة المذكورة إذا قبلت هذه الأخيرة أحكام الاتفاقية وطبقتها[9]. ومن بين أسرى الحرب بالمعني المقصود في هذه الاتفاقية أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلا[10].

وتنص المادة الخامسة من اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب لعام 1949 على ما يلي: “في حالة وجود أي شك بشأن انتماء أشخاص قاموا بعمل حربي وسقطوا في يد العدو إلى إحدى الفئات المبينة في المادة الرابعة، فإن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالحماية التي تكفلها هذه الاتفاقية لحين البت في وضعهم بواسطة محكمة مختصة”. وفيما يتعلق بمعاملة أسرى الحرب، فإن المادة 13 منها تنص على أنه “يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات”. وبموجب المادة 14 منها فإن “لأسرى الحرب الحق في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال”.

يظهر مما تقدم، أن للأسرى إطاراً قانونياً دولياً يستند إلى اتفاقيات دولية باتت شارعة بل عرفية، تعتبر المناضلين ضد الغزو والاحتلال الأجنبي أسرى حرب، لهم جملة من الحقوق والواجبات الملقاة على الدول الآسرة.

قرارات الشرعية الدولية

بشأن مشروعية النضال الوطني التحرري

أصدرت الجمعية العامه للأمم المتحدة والتي هي الأصدق تمثيلاً وتعبيراً عن أحكام الشرعية الدولية، العديد من القرارات الكاشفة[11] عن مشروعية النضال التحرري الفلسطيني من الاستعمار والاحتلال الاستيطاني الصهيوني. وقد أصدرت قراراً “شجب إنكار حق تقرير المصير، ولا سيما على شعبي جنوب أفريقيا وفلسطين[12]. وقد تضمن هذا القرار لأول مرة، احترام شرعية كفاح الشعوب الرازحة تحت الهيمنة الكولونيالية والأجنبية، والمعترف بحقها في تقرير المصير، لاسترداد هذا الحق بأي وسيلة في حوزتها. وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على وجوب معاملة المشاركين في حركات المقاومة كأسرى حرب عند إلقاء القبض عليهم، وفقاً لمبادئ وأحكام اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف 1949.

وفي الثامن عشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 1983، اعتبرت الجمعية العامة النزاعات المسلحة التي تنطوي على كفاح تشنه الشعوب ضد الهيمنة الاستعمارية والأنظمة العنصرية” نزاعات مسلحة دولية “ضمن الإطار الذي تحدده اتفاقيات جنيف، وبالتالي ينطبق وصف المتحاربين وفقاً لهذه الاتفاقيات على الأفراد المشاركين في النضال المسلح ضد الهيمنه الاستعمارية.

وأكد قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة[13]، على أن “كفاح الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية، في سبيل إقرار حقها في تقرير المصير والاستقلال، هو كفاح مشروع يتفق كل الاتفاق مع مبادئ القانون الدولي”. وقد صدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة أول القرارات التي تؤكد حق استعمال القوة فى النضال من أجل حق تقرير المصير[14]، والتي تعترف بشرعية الكفاح بواسطة الشعوب الرازحة تحت حكم الاستعمار، فى ممارسة حقها فى تقرير المصير والاستقلال، والتي دعت كل الدول لتقديم المساعدة المادية والأدبية لحركات التحرير الوطنى فى الأراضي المستعمرة. كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات حول المستعمرات البرتغالية والوضع فى ناميبيا، أكدت فيه شرعية كفاح الشعوب فى هذه الأقاليم بجميع الوسائل المتاحة لها. ومنذ سنة 1973 أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارها السنوى دعمها للكفاح المسلح للحصول على استقلال البلدان المستعمرة. وأصدرت الأمم المتحدة سنة 1987 قرارها رقم 103 الذى ينص على حق الدول في دعم حق تقرير المصير ينطوى على حق كل من هذه الشعوب فى استخدام كل من الكفاح السياسى والمسلح.

إن حق مقاومة الاحتلال مكفول بموجب مبادئ وقواعد القانون الدولي، والاحتلال بكافة أشكاله يعتبر عدواناً على حقوق الشعوب التي أقرتها مبادئ وقواعد القانون الدولي، وفي المقدمة منها حق تقرير المصير السياسي والاقتصادي والتنموي، والاستقلال والسيادة الوطنية على الموارد الطبيعية وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة[15] عام 1962، بشأن مبدأ السيادة الدائمة على مصادر الثروات الطبيعية. وباعتبار الاحتلال على الصفة الموصوفة بعدم الشرعية، فإنه يشكل عدواناً وفعلاً غير مشروع ويستدعي المساءلة والمسؤولية القانونية الدولية.

كان قرار الجمعية العامة 1514 (25) في 14/12/1960 بشأن “إعلان حول منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة”، خطوة واسعة نحو تحرير الشعوب واستقلال عديد الأقاليم من نير الاستعمار والاحتلال الأجنبي، ومنح حق تقرير المصير للشعوب. وينص مبدأ تقرير المصير على أنه حين القيام بقمع الحقوق بالإكراه، يمكن استخدام القوة من أجل التصدي لحالة الاحتلال والإكراه والهيمنة والاستعمار من قبل الشعوب من أجل ممارسة وتحقيق حقها في تقرير المصير. وقد أكدت لجنة حقوق الانسان في عديد من قراراتها المتعاقبة، كالقرار رقم 3 (35) في 21/2/1979 والقرار رقم 1989/19 في 6/3/1989، شرعية النضال ضد الاحتلال بكل الوسائل المتاحة وبضمنها الكفاح المسلح [. وأكد قرار للجمعية العامة[16] هذا الحق في الكفاح بنصه: “يعيد التأكيد على شرعية نضال الشعوب من أجل الاستقلال ووحدة الأراضي والتحرير، من الهيمنة الاستعمارية والأجنبية والاحتلال الأجنبي، بكل الوسائل المتاحة وبضمنها الصراع المسلح”. وهو ما تواترت عليه القرارات الدولية المتعاقبة المتخذة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحده[17].

وقد بات مستقراً ومن البديهيات القانونية الدولية، إن للشعوب الواقعة تحت الهيمنة الاستعمارية والأجنبية، في سياق ممارسة حق تقرير مصيرها، الحق في “النضال والسعي للحصول على الدعم بما يتوافق مع مبادئ الميثاق”؛ وهو الأمر الذي يعتبر حقاً مشروعاً للشعوب وواجباً قانونياً ملزماً على دول منظومة العلاقات الدولية، وفقاً لما أكد ونص عليه إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول لعام 1970[18]. وقد أكد إعلان المبادئ هذا على أن “لجميع الشعوب، بمقتضى مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها، المكرس في ميثاق الأمم المتحدة، الحق في أن تحدد بحرية ودون تدخل خارجي، مركزها السياسي، وفي أن تسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وعلى كل دولة واجب احترام هذا الحق وفقاً لأحكام الميثاق”. وفي التطبيقات الدولية بهذا الشأن، جاء قرار للجمعية العامة[19] لتؤكد دول الأمم المتحدة فيه على أنها:

“2- تعترف بحق الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية في الممارسة المشروعة لحقها في تقرير المصير، وطلب جميع أنواع المساعدة المعنوية والمادية والحصول عليها، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة وانسجاماً مع روح الميثاق؛

5- تدين الحكومات التي تُنكر الحق في تقرير المصير للشعوب المعترف لها بهذا الحق، ولا سيما شعوب جنوبي أفريقيا وفلسطين”.

ينطوي نص ومضمون هذا القرار،على مشروعية النضال من أجل تنفيذ وممارسة الحق في تقرير المصير، ولكن الأهم يتمثل في النص الذي يُجيز للشعوب المناضلة “طلب جميع أنواع المساعدة المعنوية والمادية والحصول عليها”، من الدول وغيرها من الجهات المانحة والمؤازِرة، لتمكينها من قهر وإنهاء السيطرة الاستعمارية والأجنبية ونيل تلك الشعوب حريتها واستقلالها وبسط سيادتها الوطنية. وفي ذات الوقت الذي تطالب فيه الشرعية الدولية وجوب مساعدة الشعوب المناضلة، فإنها تُلزم الدول بأن لا تعترف بشرعية أي وضع ناجم عن الاحتلال المخالف أصلاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي العام.

يظهر مما تقدم، أن حق مقاومة الاحتلال مكفول بموجب مبادئ وقواعد القانون الدولي، والاحتلال بكافة أشكاله يعتبر عدواناً على حقوق الشعوب التي أقرتها مبادئ وقواعد القانون الدولي، وفي المقدمة منها حق تقرير المصير السياسي والاقتصادي والتنموي والاستقلال والسيادة الوطنية. وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على وجوب معاملة المشاركين في حركات المقاومة كأسرى حرب عند إلقاء القبض عليهم، وفقاً لمبادئ وأحكام اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الثالثة بشأن الأسرى لعام 1949.

الحقوق الواجبة للأسرى

أضفى القانون الدولي الإنساني على الأسرى حماية خاصة، وضمن لهم حقوقاً وألزم كافة الدول بواجبات محددة تجاههم، مستنداً في ذلك على معاهدات دولية شارعة ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي وهي: الفصل الثاني (المواد من 4 – 20 ) من لائحة لاهاي الملحقة بالاتفاقية الرابعة لسنة 1907، واتفاقية جنيف الثانية لعام 1929 لتحسين حالة أسرى الحرب، واتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول والثاني لعام 1977 الملحقين باتفاقيات جنيف الأربعة. وقد تبنى القانون الدولي الإنساني الفكرة الأساس عن الأسر، باعتبار أنه ليس عقوبة ولكنه إجراء وقائي الغرض منه إضعاف قوة الخصم العسكرية. وحددت المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 الخاصة بالأسرى، الفئات التي يعتبرها القانون الدولي الإنساني أسرى حرب، بمن فيهم أفراد الميليشيات والوحدات التطوعية الأخرى وعناصر المقاومة المنظمة الذين ينتمون إلى أطراف النزاع سواء كانت الدولة محتلة أم لا، في الداخل أو الخارج، على أن تتوفر في جميع هؤلاء الأشخاص الشروط التقليدية الأربعة: قيادة مسؤولة، وعلامة مميزة، وسلاح ظاهر، ومراعاة أحكام الحرب وأعرافها.

ولأسير الحرب في القانون الدولي الإنساني وضع خاص باعتباره ضحية من ضحايا الحرب، ولا يعد من الأهداف التي يجوز استهدافها إلا حال شروعه بالقتال[20]. أما حال استسلامه فلا يجوز التعرض له ويتمتع بكامل الحقوق التي تمنحها إياه اتفاقية جنيف الثالثة. ونجد أن اتفاقية جنيف الثالثة قد نصت على مبدأين رئيسين:

  • أولهما عدم جواز محاكمته أو معاقبته لمجرد مشاركته في الأعمال العدائية.
  • ثانيهما وجوب معاملة أسرى الحرب بإنسانية، منذ وقوعهم في الأسر إلى حين إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى أوطانهم في النهاية.

وبهذا نجد أن أسير الحرب يكتسب وضعاً قانونياً تحدده قواعد القانون الدولي الإنساني[21]، وبالتالي إذا لم يحصل الشخص على هذه الصفة يمكن محاكمته على أي فعل قتالي كالجواسيس أو المرتزقة، بمعنى أن اكتساب صفة أسير تكون للمقاتل مسألة رئيسة حتى يتمكن من أن تعامله دولة الخصم بما تنص عليه مبادئ وقواعد الأسر في القانون الدولي الإنساني. ويتمتع أسرى الحرب بالحقوق والضمانات المقررة لأسرى الحرب منذ لحظة القبض عليهم ووقوعهم في قبضة العدو. ولعل أبرز الواجبات الأولى تجاه الأسرى، أن من حق الدولة الآسرة تفتيش الأسرى والاستيلاء على ما لديهم من أسلحة ومهمات وأدوات عسكرية ووثائق ومستندات حربية، ما عدا المهمات الشخصية وفقاً للمادة 18/1 من الاتفاقية الثالثة لسنة 1949[22] . أما بالنسبة للنقود والأشياء الثمينة التي لدى الأسير، فإنها تبقى ملكيتها له ويمكن من أجل المحافظة عليها أن تؤخذ منه بأمر أحد الضباط المسؤولين، ويعطى الأسير إيصالاً تفصيلياً مكتوباً به اسم ورتبة الشخص الذي يعطي الإيصال المذكور، وتلتزم الدولة الأسرة برد هذه الممتلكات إلى الأسير عند انتهاء الأسر. ولا يجوز أن يكون أسرى الحرب بدون وثائق الهوية الشخصية. ويجب على الدولة الأسرة أن تفتح سجلات تدون فيها أسماء الأسرى ورتبهم ومواقعهم القيادية بصورة أولية، حتى يتسنى إشعار اللجنة الدولية للصليب الأحمر والوكالات المتخصصة[23].

ومن حق الأسير أن يتم الإفراج عنه، فليس من المعقول أن يظل حبيساً مدى الحياة. ويتم الإفراج عنه في أربع حالات تناولتها اتفاقية جنيف الثالثة، وهي:

(1) الإفراج تحت شرط المادة 21 من اتفاقية جنيف الثالثة، أي يفرج عنه شريطة أن يتعهد بعدم حمل السلاح مرة أخرى ضد الدولة الآسرة، على أن يكون ذلك برضاه ودون ضغط أو إكراه.

(2) الإفراج الصحي وفقاً للمادة 109 من الاتفاقية الثالثة، التي أوجبت على الدولة الآسرة أن تفرج عن الأسرى المرضى بأمراض خطيرة والمصابين بجروح خطرة، بعد أن ينالوا الرعاية الصحية التي تمكنهم من السفر دون أن يكون ذلك أثناء النزاعات المسلحة.

(3) الإفراج عند التوقف الفعلي للعمليات العسكرية طبقاً للمادة 118 من الاتفاقية الثالثة، التي نصت على أنه: “يفرج عن أسرى الحرب ويعادون إلى أوطانهم دون تأخير عند وقف الأعمال العدائية الفعلية”.

(4) لم تنص اتفاقية جنيف الثالثة علي تبادل الأسرى، ولكن توجد قاعدة عرفية مستقرة تنص على تبادل الأسرى سواء أثناء النزاعات المسلحة أو بعد توقفها، عن طريق اتفاقيات تخضع للأحكام العامة في القانون الدولي بشأن المعاهدات.

ولا يجوز للدولة الآسرة أن تلجأ للتعذيب البدني والمعنوي أو أي إكراه على أسرى الحرب لاستخلاص معلومات منهم، ولا يجوز تهديد الأسير الذي يرفض الإجابة أو شتمه أو تعريضه لأي تعذيب، ويسلم أسرى الحرب العاجزون عن الإدلاء بمعلومات عن هويتهم بسبب حالتهم البدنية والعقلية إلى قسم الخدمات الطبية، ويتم تحديد هويتهم بكل الوسائل الممكنة، ويجب أن يكون الاستجواب بلغة يفهمونها [24]. ويتمتع الأسير في الأوقات جميعها وفي الأماكن المختلفة بما يأتي من حقوق:

  • لا يجوز قتل الأسير بجميع أشكاله وفقاً للمادة 3 من اتفاقية جنيف الثالثة، ولا يجوز الاعتداء على سلامته البدنية وخاصة التشويه أو التعذيب.
  • لا يجوز معاقبة الأسير دون إجراء محاكمة عادلة، وتحظر كافة أشكال المعاملة المهينة أو اللاإنسانية، ولا يجوز تعريض أي أسير للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان، مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير أو لا تكون في مصلحته، ولا يجوز الاقتصاص من الأسير.
  • لأسرى الحرب الحق في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال، ويجب أن تعامل جميع الأسيرات بكل الاعتبار الواجب بجنسهن، ويجب على كل حال أن يلاقين معاملة لا تقل ملاءمة عن المعاملة التي يلقاها الرجال، وتحظر كل أشكال التحرش أو الاغتصاب أو الاعتداء على الشرف.
  • يراعى في أماكن الاحتجاز أن تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة الكريمة، ولا يجوز الانتقاص من المزايا التي تقررها اتفاقية جنيف الثالثة.
  • تلتزم الدولة الحاجزة للأسرى، بتوفير الرعاية الصحية والغذائية على الوجه التالي:

أ ) تتولى الدولة الحاجزة تقديم الرعاية الطبية للأسرى وبدون مقابل وبدون تمييز[25]، وتكون وجبات الطعام كافية من حيث كميتها ونوعيتها وتنوعها لتكفل المحافظة على صحة أسرى الحرب في حالة جيدة ولا تعرضهم لنقص الوزن أو أمراض سوء التغذية، ويراعى النظام الغذائي الذي أعتاد عليه الأسرى ويزودون بكميات كافية من مياه الشرب ويسمح لهم باستخدام التبغ.

ب ) تزود الدولة الحاجزة أسرى الحرب، بكميات كافية من الملابس والغيارات الداخلية والأحذية الملائمة لمناخ المنطقة التي يحتجز فيها الأسرى.

ج ) تجرى الفحوصات الطبية لأسرى الحرب مرة واحدة على الأقل في كل شهر ويشمل الفحص مراجعة وتسجيل وزن كل أسير[26].

د ) يجوز للدولة الحاجزة أن تكلف أسرى الحرب من الأطباء والجراحين وأطباء الأسنان والممرضين أو الممرضات، بمباشرة مهامهم الطبية لمصلحة أسرى الحرب التابعين لنفس الدولة، حتى إذا لم يكونوا ملحقين بالخدمات الطبية في قواتهم المسلحة، ويستمر في هذه الحالة اعتبارهم أسرى حرب، ولكنهم يعاملون معاملة أفراد الخدمات الطبية الذين تستبقيهم الدولة الحاجزة، ويعفون من أداء أي عمل آخر.[27]

إن مراعاة هذه الأحكام مرتبطة ومشروطة، بأن لا يقوم هذا الشخص الذي يوصف بأنه عاجز عن القتال، بأي عمل عدائي وألا يحاول الفرار حتى يستفيد من عدم جواز الهجوم عليه وحمايته وتقديم المساعدة له. ويستلزم الأسير لكي يستفيد[28] من أحكام اتفاقيات جنيف الثلاثة، أن يكون متمتعاً بوصف المقاتل النظامي، أي بمعنى أن يكون من بين الأشخاص الذين حددهم القانون الدولي الإنساني وبين شروطهم. وبهذه الصفة يجب أن يُعاملوا جميعاً معاملة إنسانية، ويجب ألا يُحتجزوا كرهائن، كما ينبغي أن يُسمح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم بلا تأخير. وأن لا يخضعوا للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية[29].

وتتمثل القواعد العامة التي تحكم كل ما سبق من حقوق في عدم جواز انتقاصها أو الحد منها، ولكن يمكن الاتفاق على زيادتها وزيادة فعاليتها، كما لا يجوز التنازل عنها لا صراحة ولا ضمناً من قبل الأسرى أو دولهم، ويجب أن تتوافر في جميع الأوقات والأحوال[30]. وفى حالة الشك في كون الشخص أسيراً أم لا فإنه يعامل معاملة الأسير، استناداً على أنه “يظل المدنيون والمقاتلون في الحالات التي لا ينص عليها هذا الملحق (البروتوكول) أو أي اتفاق دولي آخر، تحت حماية وسلطان مبادىء القانون الدولي كما استقر بها العرف ومبادىء الإنسانية وما يمليه الضمير العام[31].

يتبين مما سبق من مبادئ وقواعد وأحكام، أن القانون الدولي قد أجاز وشرّع مقاومة الشعوب ضد المحتل والاستعمار والهيمنة الأجنبية، واشترط لذلك واجبات والتزامات يتوجب الوفاء والتقيُّد بها، حتى تحافظ الشعوب المقاومة على الواجبات القانونية والأخلاقية والحضارية والإنسانية التي يتضمنها القانون الدولي الإنساني، ولتحافظ على شرعية وقانونية مقاومتها الوطنية في مواجهة لاشرعية الاحتلال والاستعمار والهيمنة الأجنبية. وقد خصص القانون الدولي العرفي والإنساني إطاراً حمائياً للمناضلين والمقاومين الفلسطينيين، بأن منحهم حقوق أسرى الحرب بموجب اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12 آب (أغسطس) 1949.

الإطار اللاقانوني الاحتلالي

لأوضاع الأسرى الفلسطينيين

تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين ومعاناتهم والتدابير والإجراءات الإسرائيلية المتبعة نحوهم، واحدة من أبرز السياسات الإسرائيلية الأكثر قساوة وانتهاكاً لالتزامات سلطة الاحتلال. ولعل في الاستعراض السابق للوضع القانوني الدولي للمقاومة، ومدى الشرعية الدولية التي منحتها لها مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، ما يعني أن المشاركين في هكذا مقاومة هم مناضلون ومقاتلون تنطبق عليهم وتحميهم ذات المبادئ والقواعد القانونية الدولية. والحقيقة أن سلطة دولة الاحتلال تأبى أن تنصاع لهذا الإطار القانوني الدولي الناظم لوضع الأسرى الفلسطينيين، إذ تلزم اتفاقية جنيف الثالثة[32] بشأن معاملة أسرى الحرب والتي بدأ نفاذها في 21 تشرين الأول (أكتوبر) 1950، بوجوب انطباق أحكامها على “أفراد المليشيات والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة”، وفقاً ًللفقرة الثانية من البند ألف من الاتفاقية؛ الأمر الذي لا تزال إسرائيل تتعنت وترفض الانصياع إليه، وتتعامل مع الأسرى الفلسطينيين وكأنهم “مجرمون” و”إرهابيون” و”مخربون”.

وطوال سنوات الاحتلال استخدمت سلطات الاحتلال الاعتقالات على نحو واسع، فاعتقلت منذ العام 1967 ولغاية اليوم قرابة 750 ألف مواطن بينهم 12 ألف مواطنة وعشرات الآلاف من الأطفال، ومن بين هؤلاء المعتقلين يوجد 69 ألف حالة اعتقال سُجلت منذ بدء انتفاضة الأقصى في أيلول (سبتمبر) 2000، منهم 850 مواطنة و7800 طفلاً. ولم تقتصر تلك الاعتقالات على شريحة معينة أو فئة عمرية محددة، بل طالت كافة فئات المجتمع الفلسطيني وشرائحه المختلفة.

وقد ارتفعت أعداد الأسرى والمعتقلين الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها ومعتقلاتها مع الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2013 لتصل إلى 4750 أسيراً ومعتقلاً فلسطينياً. ويتوزع هؤلاء على قرابة 17 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف أبرزها: النقب، وعوفر، ونفحة، وجلبوع، وشطة، وريمون، وعسقلان، وهداريم وايشل وأهلي كيدار، وهشارون، والرملة ومجدو. ومن بين مجموع الأسرى يوجد 186 معتقلاً إدارياً دون تهمة أو محاكمة، و12 أسيرة، و198 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، وأن 25 طفلاً منهم تقل أعمارهم عن 16 عاماً، بالإضافة إلى 12 نائباً وثلاثة وزراء سابقين وعشرات المعلمين والقيادات السياسية والأكاديمية والمهنية.

وتزايدت أعداد الأسرى المرضى حيث ارتفعت إلى قرابة 1400 أسير، يعانون من أمراض مختلفة تعود أسبابها لظروف الاحتجاز الصعبة والمعاملة السيئة وسوء التغذية وهؤلاء جميعاً لا يتلقون الرعاية اللازمة، والأخطر أن من بينهم عشرات الأسرى ممن يعانون من إعاقات حركية وذهنية وحسية وأمراض خطيرة وخبيثة ومزمنة كأمراض القلب والسرطان والفشل الكلوي والشلل النصفي. وهناك 18 أسيراً مقيمون بشكل دائم في ما يُسمى “مستشفى الرملة” بعضهم غير قادر على الحركة. ويوجد 532 أسيراً من بين الأسرى صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة .ومن بين الأسرى القدامى هناك 71 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً وهؤلاء يُطلق عليهم مصطلح “عمداء الأسرى”، فيما “جنرالات الصبر” وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن قد وصل عددهم لـ24 أسيراً فلسطينياً .

أوامر عسكرية ظالمة

عادة ما تتم عملية اعتقال الفلسطينيين وفقاً لمجموعة من الأوامر العسكرية، التي تتحكم بكافة حياة الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتصدر الأوامر العسكرية ذات الطابع التشريعي من قبل القائد العسكري الإسرائيلي للمنطقة. ويجري اعتقال الفلسطينيين من قبل قوات الجيش الإسرائيلي وفق المادة 78 أ- د “أمر بشأن تعليمات الأمن” (يهودا والسامرة) (رقم 378) لسنة 1970، والتي جرى تعديلها بعدة أوامر عسكرية لاحقة. واستناداّ للأوامر العسكرية الإسرائيلية، يمكن للسلطات الإسرائيلية اعتقال أي فلسطيني لمدة ثمانية أيام دون إبلاغه عن سبب اعتقاله، أو عرضه على قاض. ويمكن منع المعتقل من اللقاء بمحاميه خلال يومين من اعتقاله، كما لا يلزم الجيش بإبلاغ عائلة المعتقل عن سبب الاعتقال أو مكان الاحتجاز. وبتاريخ 5/4/2002، صدر الأمر العسكري رقم 1500 الذي مدد فترة التوقيف لتصبح 18 يوماً بدلاً من ثمانية أيام، وأعيد تعديل هذه المدة في شهر آب (أغسطس) من نفس العام، إلى 12 يوماً. وبتاريخ 4/8/2002 صدر الأمر العسكري رقم 1531 الذي أعاد فترة الاحتجاز الأولى إلى ثمانية أيام، وأقر منع زيارة المحامي للمعتقل خلال اليومين الأولين للاعتقال؛ وهكذا تظهر حقيقة أن الأوامر العسكرية الصادرة عن القادة العسكريين الإسرائيليين للأراضي الفلسطينية المحتلة، تتغير بسرعة لخدمة أهداف الاحتلال وفقاً للسياسات الأمنية الزجرية والتعسفية تجاه المواطنين الفلسطينيين.

بعد فترة التوقيف الأولى، يحتجز المعتقل في مراكز التوقيف الإسرائيلية، ليحول إلى الاعتقال الإداري، أو يتم توقيفه لتقديم لائحة لاتهام ضده، أو يتم الإفراج عنه. وحسب الأنظمة العسكرية الإسرائيلية، فإن مدة التوقيف قد تستمر 180 يوماً يتم خلالها تقديم لائحة اتهام ضد المعتقل، إلا أن هذا يعني أن القائد العسكري أو ممثل الادعاء غير ملزم بتقديم لائحة اتهام خلال هذه الفترة. وقد حدد الأمر العسكري رقم 1530 مدة إجراء المحاكمة بعامين، يجب أن يصدر خلالهما الحكم، علماً أن مدة المحاكمة كانت مفتوحة وغير محددة قبل إصدار هذا الأمر، وغالباً ما تطول مدة النظر في قضايا المعتقلين الفلسطينيين قبل إصدار الحكم، حيث ينتظر بعضهم أشهراً طويلة في أروقة المحاكم الإسرائيلية قبل إصدار الحكم.

وتتم محاكمة الفلسطينيين في محاكم عسكرية إسرائيلية، يترأسها إما قاض واحد أو 3 قضاة إسرائيليين يتم تعينهم من قبل الجيش، غالباً ما يكون إثنان منهم ذوي خلفية قانونية. ويكتب جدعون ليفي[33] بهذا الصدد أن “جهاز القضاء العسكري، الذي حكم على مئات آلاف البشر، لا يستحق أن يسمى جهاز قضاء. وتبرهن على ذلك كل زيارة خاطفة للمحكمة العسكرية وكل محضر جلسات كألف شاهد. فهناك المداولات القصيرة دون ترجمة مناسبة أحياناً؛ وأدلة ليست أدلة، وشهادات إدانة لمتعاونين ومستنطِقين مريبين، وقضاة ليس فريق منهم خبراء بالقانون، وتحقيقات وحشية تنتزع اعترافات باطلة، ومواد سرية لا تُمكن من دفاع مناسب، وعقوبة أفعوانية. إن كل شيء موجود هناك بين الجلمة وسجن عصيون ما عدا العدل”.

وهكذا، فإن المحاكم العسكرية الإسرائيلية لا تراعي أصول المحاكمة العادلة المنصوص عليها قانونياً ودولياً، والتي تحفظ للأسرى حقوقهم المنصوص عليها في المعاهدات الدولية في هذا المجال، والتي تقضي بأن يمثلوا أمام محكمة مختصة ومستقلة وحيادية ومنشأة بحكم القانون.

الاعتقال الإداري

هو إجراء يحتجز الشخص بموجبه دون توجيه أية تهمة إليه بصورة رسمية ودون تقديمه إلى المحاكمة، وذلك عن طريق استخدام إجراءات إدارية، يتولى وزير الحرب الإسرائيلي إصدار أوامر الاعتقال الإداري في إسرائيل والقدس الشرقية، بينما يتولى إصدارها القادة العسكريون في الضفة الغربية وقطاع غزة باستثناء القدس الشرقية التي أعلنت إسرائيل ضمها، ويتم تحديد فترة اعتقال الشخص في أمر الاعتقال. ولكن في شباط (فبراير) 1995 تم تمديد الحد الأقصى لهذه الفترة، بحيث أصبح بالإمكان احتجاز الشخص المعتقل لفترة أقصاها سنة بعد أن كانت ستة أشهر، وكثيراً ما يجدد أمر الاعتقال عند انقضاء هذه المدة، ومن الممكن أن تستمر هذه العملية إلى أجل غير مسمى. ورغم أنه من حق المعتقل إدارياً أن يطعن في أمر اعتقاله أمام ما يسمى بـ”لجان الاعتراض”. إلا أنه لا يبلغ كما لا يبلغ محاميه بتفاصيل أدلة الإثبات المقدمة ضده، حيث يعتبر ملفه سرياً وفق ما يسمى” بمقتضيات الأمن”؛ ولهذا فليس بإمكان محامي الدفاع استجواب الشهود أو مناقشتهم أو حتى الاستفسار عن وجودهم. ويستند الحاكم العسكري الإسرائيلي في حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية، بموجب التعديل الثاني للأمر بشأن الاعتقال الإداري (تعليمات الساعة) (تعديل رقم 2) 1988 (رقم 1254 بالضفة ورقم 966 بغزة)، وهي بالأساس مواد البيانات ضدالأسرى، والتي تدعي السلطات الإسرائيلية عدم جواز كشفها حفاظاً على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد. وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية إمكانية عدم كشف هذه البيانات، وعدم إلزام السلطة باحترام حق المشتبه به بالحصول على إجراءات محاكمة عادلة.

وتستند إجراءات الاعتقال الإداري المطبق في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى المادة 111 من أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ، التي فرضتها سلطات الانتداب البريطانية على فلسطين في سبتمبر (أيلول) 1945. وقد أصدرت السلطات العسكرية الإسرائيلية 12 أمراً عسكرياً تتعلق بالاعتقال الإداري، ويتولى وزير الدفاع إصدار أوامر الاعتقال الإداري في إسرائيل والقدس الشرقية، فيما يتولى القادة العسكريون إصدار هذه الأوامر في باقي المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967. وفي العام 1970، قامت بتحويل المادة (111) من أنظمة الطوارئ إلى المادة (87) من الأمر العسكري رقم (387)، بشأن تعليمات الأمن العام. ويستند القائد العسكري الإسرائيلي في غالبية حالات الاعتقال الإداري، على مواد سرية، وذلك بموجب التعديل الثاني للأمر رقم (1254) بالضفة الغربية، ورقم (966) بغزة (بشأن الاعتقال الإداري، تعليمات الساعة / تعديل رقم 12). وأصدرت العديد من الأوامر العسكرية كان منها الأمر 1228 في 17 آذار (مارس) 1988، والذي أعطى صلاحية إصدار قرار التحويل إلى الاعتقال الإداري لضباط وجنود أقل رتبة من قائد المنطقة، وتم على إثر ذلك افتتاح معتقل أنصار (النقب) في صحراء النقب لاستيعاب أعداد كبيرة من المعـتقلين خاصة الإداريين منهم [34].

وقد استخدمت إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري منذ السنوات الأولى للاحتلال. وتقوم سلطات الاحتلال بتنفيذ الاعتقالات الإدارية بناءً على الأمر العسكري رقم 1229 لعام 1988، الذي يمنح القادة العسكريين صلاحيات اعتقال الفلسطينيين لمدة 6 شهور، إذا كان لديهم شبهة أو مجرد اعتقاد أن ما يسمونه بـ”أمن المنطقة” أو “الأمن العام” يحتاج إلى اعتقال هذا الشخص. ويجيز لهم هذا الأمر صلاحية تمديد الاعتقال لمدد إضافية تصل إلى 6 شهور مساء يوم انتهاء أمر الاعتقال الساري لنفس الأسباب السابقة؛ وهكذا فالأمر العسكري لا يحدد مدة إجمالية قصوى للاعتقال الإداري، كما أن مفاهيم “أمن المنطقة” و”الأمن العام” هي مفاهيم غير محددة وغير واضحة وتفسيرها متروك للقائد العسكري نفسه. وهكذا فإن أوامر الاعتقال الإداري تصدر بناءً على ملفات سرية، يقدمها جهاز الأمن العام أو أجهزة المخابرات الإسرائيلية. ولا يسمح للمحامي، أو المعتقل الاطلاع عليها، وتشكل هذه الملفات السرية وهذه الأوامر خرقاً فاضحاً لاتفاقيات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لعدم توفر فرصة للمعتقل للدفاع عن نفسه.

استندت قوات الاحتلال سابقاً للأمر العسكري رقم 1226 “الأمر بشأن الاعتقال الإداري (تعليمات الساعة) “يهودا والسامرة” 1988 لإصدار أوامر الاعتقال والذي حدد المدد الزمنية المتعلقة بمدة أمر الاعتقال ومواعيد إحضار المعتقل أمام قاض عسكري للنظر في أمر اعتقاله ومكان الاعتقال أيضاً، وكان قد عدل هذا الأمر خلال السنوات بما يتعلق بالمدد الزمنية المحددة به، قبل الاجتياح الإسرائيلي للمناطق توجب إحضار المعتقل أمام قاض عسكري خلال 8 أيام من إصدار أمر الاعتقال الإداري له، وفقاً لأمر الاعتقال بموجب المادة 78 (أ)- (د) للأمر بشان تعليمات الأمن (يهودا والسامرة) رقم378، 1970. وأمر الاعتقال يحدد مكان الاحتجاز ومدة الاعتقال. ويوم 1 نيسان (أبريل) 2002 قام الحاكم العسكري الإسرائيلي في الأراضي المحتلة بإصدار الأمر رقم 1499 “الأمر بشأن الاعتقال الإداري” (تعليمات الساعة) (تعديل رقم 19) وبموجبه عدلت المادة 4 (أ) للأمر الأصلي 1226 المذكور سابقاً، حيث استبدلت المدة الزمنية المحددة ب 8 أيام حسب الأمر الأصلي مدة 18 يوماً. وحدد التعديل أن كل من اعتقل قبل بدء سريان هذا التعديل تسري عليه المادة 4 (أ) بموجب الأمر الأصلي، وحددت مدة صلاحية هذا التعديل بشهرين.

وتم اعتقال مئات المعتقلين في نيسان (أبريل) 2002 بناء على الأمر العسكري 1500 “الأمر بشأن الاعتقال في زمن الحرب (تعديلات الساعة)، والذي حدد مدة الاعتقال الأولى ب 18 يوماً قبل إحضار المعتقل أمام قاض عسكري، ومنع المعتقل من مقابلة محاميه طوال هذه المدة، وما حصل أن المعتقلين لم يلتقوا بمحاميهم ولم يعلموا ما يحدث من الناحية القانونية وبالبداية أيضاً رفضت سلطات الاحتلال الإفصاح عن ذلك. وتلاه الأمر العسكري 1501 “الأمر بشان الاعتقال الإداري (تعليمات الساعة) (تعديل رقم 20) ليحدد أنه من أصدر ضده أمر اعتقال إداري وكان قبل ذلك معتقلاً بموجب الأمر 1500 يجب أن يمثل أمام قاض عسكري للبحث في الأمر الإداري خلال 96 ساعة، هذا الأمر أصدر بالعاشر من نيسان ولمدة شهرين، وعلى إثر عدم تحديد المدة الزمنية بالأمر والتي تفصل بين أمري الاعتقال، احتجز العديد من المعتقلين بشكل غير قانوني إذ خلال احتجازهم بموجب الأمر 1500 وبانتهاء مدة الـ18 يوماً، أصدر ضدهم أوامر اعتقال إداري بموجب الأمر 1499، ولم يمثلوا أمام قاض عسكري خلال 96 ساعة من إصدار أمر الاعتقال الإداري. وبموجب الأمر 1504 تم تمديد المدة الزمنية لسريان الأمر 1499 والأمر 1501 حتى يوم 15 حزيران (يونيو) 2002 ولاحقاً أصدر الأمر 1506 “الأمر بشان الاعتقال الإداري” (تعليمات الساعة) ( تعديل رقم 23) والذي عدل المدة الزمنية التي يجب خلالها إحضار المعتقل أمام قاض عسكري لتصبح 10 أيام من يوم إصدار أمر الاعتقال الإداري، وتم إلغاء ما عرف سابقاً بالرقابة القانونية الثانية، والتي بموجب المادة 5 من الأمر الأصلي 1226 تنص على وجوب إجراء رقابة قانونية ثانية خلال مدة 3 شهور من قرار التثبيت الأول للمعتقلين الصادر ضدهم قرار اعتقال إداري لستة شهور، مما حرم المعتقل الإداري بموجب التعديل الأخير من المثول أمام القضاء مرتين خلال فترة الاعتقال الإداري إذا كانت لستة شهور[35].

خديعة صفقة شاليت

وخلال فترة التفاوض بشأن مبادلة الأسير الإسرائيلي شاليت بأسرى فلسطينيين، استمد المُشرعون العسكريون من التشريع المدني المواد المضرة في شأن الافراج عن سجناء بشرط[36]، ونسخوا من تراث الاعتقال الاداري، واستمدوا الإلهام في الأساس من غضب الجهازين الأمني والسياسي على المقاومة لأنها لوت أيديهما بإجبارهم على تنفيذ عملية تبادل شاليت بأعداد من الأسرى الفلسطينيين. وهكذا نشأ في 2009 تعديلان للأمر المتعلق بتعليمات الأمن وهما المادتان 184 و186 والأمر رقم 1651 المتعلق بتخفيف العقوبة. وقد منحت تلك التعديلات “الشباك” والجيش ملجأ على هيئة “أدلة سرية” كما هي الحال في الاعتقال الإداري، لكن من غير الرقابة القضائية في كل بضعة أشهر، وتنظر اللجنة الخاصة بذلك بحسب الأمر المعدل وبعكس اللجنة المدنية الموازية، بأن تعيد المفرج عنه الى السجن المدة كلها. وحتى لو قُدمت فيه لائحة اتهام جديدة اعتماداً على أدلة مكشوفة، وحتى لو كانت المخالفة طفيفة حتى في نظر القضاء العسكري الاحتلالي فإن الأسير المحرر يُعاد إلى السجن لقضاء ما تبقى من محكوميته.

وعلى أساس هذا التشريع الاحتلالي تم اعتقال 14 فلسطينياً، تحرروا في صفقة شاليط من جديد على أيدي الجيش والمخابرات الإسرائيلية، خمسة منهم قد يقضون حتى 16 – 28 سنة سجن أخرى بسبب مخالفات هامشية أو سرية، ارتكبوها زعما بعد تحريرهم.

لقد اتيح اعتقال الـ14 بفضل تعديلات في التشريع العسكري، أدخلت سراً في العام 2009 (الأمر رقم 1651) بالتوازي مع المفاوضات التي دارت على تحريرهم. وتتيح هذه التعديلات للجيش والمخابرات الإسرائيلية العودة إلى اعتقال كل محرر حتى نهاية فترة محكوميته الأصلية، حتى بسبب أفعال لا تشكل أعمالاً إرهابية – كمخالفات السير، أو المشاركة في مظاهرة أو المكوث غير القانوني في إسرائيل – وذلك استناداً إلى أدلة سرية. وبناء على ذلك يمكن حبسه لعشرات السنين. اللجنة العسكرية التي بحثت في خرق شروط التحرير تتشكل من ضباط من الجيش الإسرائيلي فقط[37]. سامر العيساوي اعتقل من جديد، لأنه حسب الاشتباه خرج بعد تحرره من القدس وسافر إلى حي الرام المجاور، وهكذا خرق شروط تحريره؛ إبراهيم أبو حجلة عاد حسب الاشتباه إلى النشاط السياسي – المدني في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، المنظمة التي هي جزء من م.ت.ف، التي وقعت إسرائيل معها اتفاقات أوسلو. أما الأدلة بالنسبة لباقي المعتقلين فبقيت سرية.

وقد قام هؤلاء بالإضراب عن تناول الطعام، ولا تزال معركة الأمعاء الخاوية في مجابهة إعادة الاعتقال التعسفي على أشدها. وتم إبعاد الأسير أيمن الشراونة إلى قطاع غزة بتاريخ 17/3/2013 عبر معبر بيت حانون بعد إضراب عن الطعام استمر لأكثر من 7 أشهر. والأسيرة هناء الشلبي، من بلدة برقين جنين شمال الضفة الغربية، أبعدتها إسرائيل إلى قطاع غزة كشرط للموافقة على إطلاق سراحها، بعد إضراب عن الطعام دام 43 يوماً، وهي التي أعيد اعتقالها إدارياً، بعدما نجحت المقاومة الفلسطينية في إطلاق سراحها من خلال عملية التبادل التي أطلق بموجبها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

ويعتبر إبعاد أي مواطن عن مكان اقامته أو ترحيله تعسفاً سواء داخل نطاق الإقليم المحتل أو خارجه، واحدة من أقسى العقوبات التي يشكل ارتكابها انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني؛ فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 تنص على أنه “يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه” وتحظر كذلك المادة 7 من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 على حكومة الاحتلال إبعاد المواطنين قسراً.

وعلى الرغم من إنشاء المحاكم المدنية الفلسطينية التي ترافقت مع قيام السلطة الفلسطينية، إلا أن الأوامر العسكرية الإسرائيلية لا زالت سارية المفعول في هذه الأراضي الفلسطينية، في انتهاك صريح وفظ للقانون الفعلي الذي يتوجب أن يحكمها، رغم انتهاكها القانون الدولي والقانون الإسرائيلي نفسه. وترفض المحاكم العسكرية الإسرائيلية من جانبها تطبيق قواعد وأحكام القانون الدولي، بالرغم من أن إسرائيل طرف تعاقدي وملتزَم باتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949. وفي هذا السياق فإن المادة 66 من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم سلطات الاحتلال، بوجوب أن تكون المحاكم التي قد تنشؤها:

  • عسكرية الطابع وغير سياسية، بعكس ما تتصف بها المحاكم العسكرية الاحتلالية ذات الصبغة السياسية والتمييزية وذات الأحكام القراقوشية.
  • أن يتم تشكيلها بموجب القانون الساري، وليس بموجب قوانين الطوارئ الظالمة والعتيقة، ولا بموجب التعديلات البنيوية المنهجية للتشريعات السارية في الأراضي الفلسطينية والتي هشمت البنية التشريعية وعدلتها بما ينسجم مع السياسات الاستيطانية والقمعية.
  • أن تعقد المحاكم في الأراضي المحتلة حصراً، وليس في دولة الاحتلال أو خارج الإقليم المحتل كما تفعل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
  • أن تنشأ محاكم استئناف على أحكام المحاكم العسكرية، وليس “لجان اعتراض” شكلية كما تفعل إسرائيل.

وبذلك فإن المحاكم العسكرية الإسرائيلية تنتهك قواعد وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وتحديداً المواد 70 و 71 منها بشأن المحاكمة العادلة، والتي تشترط أن يتم إبلاغ المتهم بلائحة اتهام واضحة وبلغة يفهمها تبين له أسباب اعتقاله ليتاح له إمكانية الدفاع عن نفسه. ولكون الاعتقال الإداري يستند إلى الملف السري، فإنه لا تتوافر في المحاكم التي تنظر في الاعتقال الإداري ضمانات المحاكمة العادلة، وعليه يعد جريمة حرب وفق المواد 130 و131 من اتفاقية جنيف الثالثة، وكذلك وفق المواد 147 و 148 من اتفاقية جنيف الرابعة.

العزل الإنفرادي

تمارس سلطات سجون الاحتلال التضيّق على الأسرى، بعزلهم في زنازين صغيرة جداً، وتارة تحرمهم من الطعام وتفرض عليهم طعاماً محدداً سيئاً وغير مقبول، بالإضافة إلى منع الأسرى من الزيارة، وحرمانهم من أبسط الحقوق التي من المفروض أن تتوفر لهم.

والعزل عبارة عن عقوبة تفرضها إدارة سجون الاحتلال، إمعاناً في إذلال السجين ومحاولةً كسر إرادته وتحطيم نفسيته، حيث يعيش معزولاً عن العالم الخارجي ولا يستطيع الاتصال مع أي إنسانٍ كان سوى السجان، وهو شبيه بعقوبة السجن الإداري حيث يقضي الأسير المعزول سنوات عديدة من عمره دون أن يدري متى يخرج. ويعتبر العزل الانفرادي من أقسى أنواع العقوبات التي تلجأ إليها إدارة السجون ضد الأسرى، حيث يتم احتجاز الأسير بشكل منفرد في زنزانة صغيرة جداً تبلغ مساحتها 2.5م X 1.5م، تشمل الحمام ودورة المياه ولا يوجد مكان أو متسع للحركة داخلها، وتتميز غرف العزل بقلة التهوية والرطوبة العالية، وتنتشر فيها الحشرات والروائح الكريهة والأمراض المختلفة بسبب قلة الهواء وعدم دخول أشعة الشمس إليها. وهي في ذات الوقت زنازين ضيقة بدون نوافذ ولا هواء إلا كوة صغيرة، ولا يستطيعون النوم بسبب الضوء الدائم، ويعرفون عن الوقت من خلال وجبات الطعام التي تقدم إليهم، فيما تنبعث رائحة الحمام الصغير بشكل لا يطاق. ولا يسمح للأسير المعزول بالخروج إلى الساحة سوى ساعة واحدة يومياً[38]، ويطلق الأسرى على هذه الزنازين “مقابر الأحياء”.

ويعرض الأسير كل ستة شهور على لجنة اعتراض شكلية إذا كان العزل انفرادياً أي شخص واحد في الزنزانة، أو كل سنة إذا كان العزل مزدوجاً أي شخصان في الزنزانة، وتأتمر لجان الاعتراض تلك بأمر المخابرات الصهيونية “الشاباك” ومصلحة السجون “الشاباص”، “وتفتقر لأدنى صور ومقومات العدالة .ويمر الإجراء القانوني بحق المعزول ضمن عدة مراحل، وإن كانت هذه المراحل في غالبيتها محض صورية وشكلية ومخالفة للاتفاقيات الدولية وللقانون الدولي الإنساني، لأن القرار الأساسي المتخذ بحق أي معزول لا يقرره القضاة في المحاكم بل يقرره “ضباط الأمن الداخلي- الشاباك” أو ضباط أمن “إدارة مصلحة السجون – الشاباص”، ويعود لهؤلاء وحدهم تقدير المدة الزمنية التي ينبغي أن يمضيها المعزول في العزل. وتدعي سلطات السجون الإسرائيلية بأن السبب الأساسي لقرار المحاكم بالعزل ثم تمديده، بأن السجين المراد عزله “خطير على أمن الدولة”، علماً أن هذا التعبير الذي يوضع في سياق قانوني هو تعبير غامض، وغير محدد التعريف، فهو يمكن أن يطلق كذلك على جميع الآف الأسرى الأمنيين الفلسطينيين.

وقد تم تطبيق سياسة العزل بحق الأسرى الفلسطينيين على امتداد مسيرة الاعتقال في السجون الإسرائيلية، ولطالما زج بالعشرات من المعتقلين الفلسطينيين في زنازين العزل ولفترات زمنية طويلة. وبمرور الوقت ازدادت هذه السياسة، وباتت نهجاً منظماً، بهدف إذلال المعتقل وتصفيته جسدياً ونفسياً، كما حدث مع المعتقل إبراهيم الراعي في 11/4/1988، الذي تم تصفيته بعد عزله لمدة تسعة شهور متواصلة، واستشهاد الأسير رائد أحمد أبو حماد، 31 عاماً من سكان القدس، بتاريخ 14-6-2010، في زنازين عزل بئر السبع بعد سنة ونصف من عزله، جرّاء الاعتداء عليه داخل زنزانته وإصابته بضربة قاتلة أسفل العمود الفقري، حسب تقرير الطب الشرعي.

وحتى عشية بدء الإضراب المفتوح الأخير عن الطعام يوم 17 نيسان (أبريل) 2012، كان تسعة عشر أسيراً معزولاً في زنازين وأقسام العزل داخل المعتقلات الإسرائيلية، وكانوا موزعين على معتقلات، بئر السبع بجناحيه أيشل وأوهلي كيدار، وجلبوع، وعسقلان والرملة وشطة وكفار يونا. وغالبية المعزولين من قادة الحركة الوطنية الأسيرة، ويحظون باحترام وتقدير كافة الأسرى، حيث تسعى إسرائيل من وراء هذه السياسة للانتقام من هؤلاء المناضلين، على ما قاموا به بإخضاع وجودهم في تلك المعازل، وإذلالهم وكسر إرادتهم وتحطيمهم، والتسبب بموتهم مستقبلاً، بسبب الأمراض التي من الممكن أن تصيبهم، ومن الأهمية بمكان، أن لا ننسى هنا بأن هذه السياسة كانت السبب المفجر للإضراب الذي يخوضه الأسرى. وقال تقرير صادر عن وزارة شؤون الأسرى والمحررين[39] في رام الله بتاريخ 13 شباط (فبراير) 2013 بأن “حكومة إسرائيل وإدارة السجون انتهكت الاتفاق الذي أبرم بين قيادة الأسرى وإدارة السجون وبرعاية مصرية، والذي نص على إنهاء سياسة العزل الانفرادي، مشيراً إلى استمرار العزل الجماعي لـ26 أسيراً في سجن ايلا منذ يوم 16/1/2013، بعد نقلهم كعقاب من سجن ايشل، واستمرار عزلهم لمدة 21 يوماً في ظروف سيئة، وتجريدهم من كافة حقوقهم. وبين التقرير بأن هذه “الإجراءات تؤشر إلى أن سياسة العزل لا زالت تطبق وبشكل تعسفي بحق الأسرى، وهي من أخطر العقوبات المفروضة على المعتقلين”. والاستمرار بسياسة العزل للأسرى الفلسطينيين انتهاك صريح لصفقة تبادل شاليت بأعداد من الأسرى، الأمر الذي يفرض على الطرف المصري واجب إلزام إسرائيل بتنفيذ ما وعدت به الأسرى مع نهاية إضراب نيسان (أبريل) 2012، وثنيها عن العودة لإنفاذ عقوبة العزل داخل المعتقلات بجميع أشكالها وأنواعها، ضد الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، لأن مديرية المعتقلات الإسرائيلية العامة، عادت إلى استخدام هذا الأسلوب بحق الأسرى، متراجعة بذلك عن ما وعدت به الأسرى في نهاية إضراب نيسان (أبريل) 2012.

وتطول قائمة إضرابات الأسرى ضد تطبيقات سياسة العزل في المعتقلات الإسرائيلية، فإضراب الأسرى الذي بدأ يوم 27 أيلول (سبتمبر) 2011، طرح مطالب أساسية للمعتقلين أبرزها وقف سياسة العزل الانفرادي والتي تعتبر من أخطر العقوبات وأبشعها. وجرت أول تجربة فلسطينية لخوض الإضراب عن الطعام في السجون الإسرائيلية، في سجن نابلس في أوائل عام 1968. والإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ”معركة الأمعاء الخاوية”، هي امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم، بدءاً بالشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد بتاريخ 11 تموز (يوليو) 1970، خلال إضراب سجن عسقلان، وهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام، ومروراً بالشهيد راسم حلاوة وعلي الجعفري واللذين استشهدا بتاريخ 24/7/1980 خلال إضراب سجن نفحة، والشهيد محمود فريتخ الذي استشهد على أثر إضراب سجن جنيد عام 1984، والشهيد حسين نمر عبيدات والذي استشهد بتاريخ 14/10/1992 في إضراب سجن عسقلان[40].

وقد وضعت حكومة إسرائيل غطاءً قانونياً لسياسة العزل الانفرادي، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تشرّع بقانون انتهاكاتها لحقوق الإنسان الأسير. فقانون مصلحة السجون (الصيغة الجديدة) الإسرائيلية لعام 1971، ينص على السماح بعزل الأسير تحت حجج أمنية، بحيث أصبح العزل وسيلة مشروعة بيد مدير السجن وضباطه. وبحسب ذلك القانون يمكن عزل المعتقل للأسباب التالية: أمن الدولة، وأمن السجن، والحفاظ على سلامة وصحة المعتقل أو المعتقلين الآخرين، ومنع الإضرار الحقيقي بالانضباط أو بنظام الحياة المتبع في السجن، ومنع مخالفة عنف[41]. وقد يبدو للوهلة الأولى وكأن هذا القانون بشأن عزل المعتقلين “وسيلة مشروعة، ويقلل من الأبعاد الخطيرة للعزل، على الصحة النفسية والجسدية للمعتقلين [..علماً] أن العزل المتواصل قد يتسبب بأضرار نفسية وجسدية خطيرة وغير قابلة للعلاج، يصعب على المعتقلين تحملها[42].

وقام الكنيست عام 2000 بتعديل قانون مصلحة السجون، من خلال إضافة أنظمة رقابة داخلية وخارجية على موضوع العزل، معتبراً “أن استخدام العزل يتم كمخرج أخير” و”ملزم بقرار قاضٍ في عزل مفرد لأكثر من 6 أشهر وبعزل مزدوج لأكثر من 12 شهراً”، و”حدد الحق في الاستماع للمعتقل في إجراءات قرار العزل”. وقد أدت هذه التعديلات إلى “انخفاض عدد المحتجزين في العزل بشكل جوهري”. وقد جرى تعديل على هذا القانون[43] عام 2006، فألغيت أنظمة الرقابة، وتوسعت معايير احتجاز المعتقل في العزل، وتوسعت صلاحيات المخوّلين بفرض عقوبة العزل على الأسرى، ومنها محكمة العدل العليا التي تستند في ذلك إلى ما يسمى “تقارير سريّة” من جهاز المخابرات الإسرائيلي. ولم تكتف سلطات الاحتلال بإبقاء المشروعية بعزل الأسرى بيد سلطات السجون والمحكمة العليا، وإنما وضعت قانوناً لتشريع عزل الأسرى الفلسطينيين يسمى “قانون شاليط” الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية الأولى بتاريخ 26-5-2010، والذي ينص على تشديد العقوبات والإجراءات بحق المعتقلين ومنها عدم تحديد فترة عزل الأسير انفرادياً وإبقاؤها بشكل مفتوح، إضافة إلى منع زيارات العائلات وحرمان الأسرى من التعليم وقراءة الصحف ومشاهدة التلفاز وغيرها.

وهكذا يتبين بأن سياسة العزل الانفرادي، من أقسى سياسات القمع والعقاب التي تنتهجها إدارات السجون، مما يتعارض مع قواعد وأحكام حقوق المعتقل والسجين في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لاعتبار العزل الانفرادي من أنماط التعذيب الجسدي والنفسي المحرمة دولياً، وفق النصوص في اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984. ففى المــادة 117 من الفصل التاسع في اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والتي تتعلق بالعقوبات التأديبية، تؤكد أنه “لا يعاقب شخص معتقل إلا مرة واحدة عن العمل الواحد أو التهمة الواحدة”. وفي المــادة 118 تأكيد على حظر السجن في مبان لا يتخللها ضوء النهار، وبصورة عامة أي شكل كان من أشكال القسوة، ولا يجوز معاملة المعتقلين المعاقبين معاملة تختلف عن بقية المعتقلين، بعد تنفيذ العقوبة التي حكم عليهم بها تأديبياً أو قضائياً. ولا تجيز المــادة 124 بأي حال نقل المعتقلين إلى مؤسسات إصلاحية لقضاء عقوبة تأديبية فيها، ويجب أن تستوفي المباني التي تنفذ فيها العقوبات التأديبية الشروط الصحية، وتكون مزودة على الأخص بمستلزمات كافية للنوم، وتوفر للمعتقلين إمكانية المحافظة على نظافتهم. وتسمح المــادة 125 للمعتقلين المحكوم عليهم بعقوبات تأديبية بالتريض وبالبقاء في الهواء الطلق لمدة ساعتين على الأقل يومياً، ويسمح لهم بناءً على طلبهم بالتقدم للفحص الطبي اليومي، وتوفر لهم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية، ويصير نقلهم عند الاقتضاء إلى عيادة المعتقل أو مستشفى، ويسمح لهم بالقراءة والكتابة وإرسال وتلقي الرسائل وغيرها من الحقوق المحمية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

جريمة اعتقال وتعذيب الأطفال والغرامات المالية الباهظة

تميز عام 2012 بارتفاع ملحوظ في اعتقال القاصرين والأطفال على يد سلطات الاحتلال، حيث بلغت حالات الاعتقال 900 حالة، في حين بلغ عددهم عام 2011 (700) حالة، ولا زالت الاعتقالات في صفوف القاصرين مستمرة[44].

وفي دراسة حديثة أوصت اليونيسيف[45]، باتخاذ تدابير بحيث يتم التعامل مع الأطفال الفلسطينيين في السجون العسكرية الإسرائيلية وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المعايير الدولية. وأظهرت الدراسة التي استندت إلى تحليل للإطار القانوني وشهادات من الأطفال عن انتهاكات حقوقهم في الاحتجاز، أن هناك نمطاً من سوء المعاملة أثناء النقل والاحتجاز والتحقيق مع المعتقلين الأطفال. وتتضمن التدابير، العديد من التوصيات لتحسين حماية الأطفال وفقاً للمعايير الدولية مثل حظر عصب العينين والحبس الانفرادي للأطفال. كما تتضمن التوصيات عدم القبض على الأطفال في الليل إلا في الظروف القصوى، وينبغي أن يتواجد محام أو أحد أفراد أسرة الطفل أثناء استجواب المشتبه بهم من الأطفال.

ويوثق تقرير اليونيسيف تعرض الأطفال الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل لإساءة معاملة بصورة منهجية وواسعة النطاق تنتهك القانون الدولي. ويؤكد أن هذه الممارسات فيما يبدو واسعة النطاق وممنهجة وذات طابع مؤسسي. وحسب تقرير اليونيسيف فإن هناك 700 طفل فلسطيني تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً غالبيتهم من الذكور، يتعرضون للاعتقال والاستجواب والاحتجاز من جانب الجيش الإسرائيلي والشرطة وأجهزة الأمن بالضفة الغربية المحتلة كل عام. ورصد التقرير نماذج الممارسات التي قال إنها “تصل إلى حد العقاب والمعاملة القاسية غير الإنسانية والمهينة بموجب معاهدة حقوق الطفل والمعاهدة المناهضة للتعذيب”. كما قال التقرير إن الأحداث الفلسطينيين الذين تعتقل غالبيتهم أثناء إلقاء الحجارة يتعرضون لعنف بدني وتهديدات خلال استجوابهم ويجبرون على الاعتراف، ولا يسمح لهم على الفور بالاتصال بمحامين أو بذويهم خلال الاستجواب. وأضاف “تستمر المعاملة التي لا تتناسب مع حقوق الطفل أثناء مثولهم أمام المحكمة، بما في ذلك تقييد الأطفال بالأغلال ورفض الإفراج عنهم بكفالة، وفرض أحكام احتجاز ونقل الأطفال خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة ليقضوا فترة الحكم داخل إسرائيل”.

ويؤكد تقرير اليونيسيف بأن “التحقيق يجمع بين التخويف والتهديدات بالإضافة إلى العنف الجسدي، مع هدف واضح وهو إجبار الطفل على الاعتراف”، مؤكداً بأنه تم تقييد الأطفال خلال الاستجواب ولفترات طويلة في بعض الأحيان، مما سبب لهم آلاماً في أيديهم وظهورهم. وأضاف “تم تهديد الأطفال بالموت والعنف الجسدي والعزل الانفرادي والاعتداء الجنسي بهم أو بأحد أعضاء عائلتهم”. ويعترف معظم الأطفال في نهاية التحقيق ويقومون بتوقيع أوراق باللغة العبرية التي لا يفهمونها. وخلص التقرير أيضاً إلى أنه يتم حبس الأطفال في العزل الانفرادي، لفترة تتراوح ما بين يومين وشهر قبل أخذهم إلى المحكمة، وفي بعض الأحيان حتى بعد الحكم عليهم. ويكمل التقرير بأنه خلال جلسات استماع المحكمة يكون الأطفال مقيدين في أيديهم وأرجلهم و”الدليل الرئيسي ضد الطفل هو اعترافه بنفسه والذي ينتزع في الغالب تحت الإكراه خلال التحقيق”. وتشير يونيسيف بأنه يتم فرض عقوبات تصل إلى ستة أشهر في السجن على القاصرين الفلسطينيين الذين يبلغون من العمر 13 عاماً أو أقل، بينما قد تفرض أحكام بالسجن على الأطفال الذين يبلغون 14 عاماً أو أكثر لعشر سنوات بسبب القاء الحجارة، أو حتى 20 عاماً إن كان الهدف سيارة متحركة.

وقد تم توثيق عينة من خلال شهادات حية، أفادوا جميعاً بأنهم تعرضوا لسوء المعاملة و/أو لأعمال ترقى إلى مستوى التعذيب على يد الجيش والشرطة الإسرائيلية، إذ اعتقل 41 بالمائة من الأطفال من منازلهم في الليل بين الساعة الواحدة والخامسة صباحاً. وعانى 88 بالمائة من الأطفال من عشرة أنواع مختلفة من سوء المعاملة على الأقل، بما في ذلك على سبيل الذكر لا الحصر ربط اليدين بشكل مؤلم، وعصب العينين، والتجريد من الملابس للتفتيش، وربط الساقين، والإساءة اللفظية، والتعريض للعنف الجسدي، وعدم إعلامهم بحقوقهم، وعدم السماح بوجود أحد الوالدين أو محام أثناء استجوابهم. وقد تم احتجاز ثلاثة أطفال في الحبس الانفرادي. ويفاد بأن في 72 بالمائة من الحالات، تعرض الأطفال للانتهاكات السالفة الذكر خلال أول 48 ساعة بعد الاعتقال[46].

وقد طبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر عسكرية عنصرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكرية، تفتقر للحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصاً الأمر العسكري 132، الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال في سن 12 عاماً. ولعل الأحكام المفروضة على الأطفال الأسرى تفضح الممارسات المنهجية ضدهم، فمثلاً، يوجد طفل حكم عليه بالسجن المؤبد، وثلاثة أطفال محكومون مدة 15 عاماً، وأربعة أطفال محكومون من 5-9 سنوات. وأطفال حكموا من 1-3 سنوات بتهمة الانتماء للتنظيمات الفلسطينية، وبقية الأطفال محكومون من 6-18 شهراً بتهمة إلقاء الحجارة. وغالباً ما يكون الحكم مقروناً بغرامات مالية تتراوح من 1000-6000 شيقل.

ويكشف تقرير أعده تسعة محامين بريطانيين من المحامين البريطانيين المستقلين[47]، عقب زيارة نظموها إلى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة في أيلول 2011، لتقييم معاملة الأطفال الفلسطينيين المعتقلين بموجب القانون العسكري الإسرائيلي، أن الهدف من البعثة تمثل في “إجراء تحليل تقييمي للقانون العسكري الإسرائيلي والممارسة، كونها تؤثر على الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية، بالاستناد إلى معايير القانون الدولي وحقوق الطفل الدولية”. وخلص التقرير إلى عدد من النتائج الرئيسة التي استندت فقط على الفوارق القانونية بين النظام القضائي العسكري الإسرائيلي المطبق على الأطفال الفلسطينيين، والنظام المدني المطبق على الأطفال الإسرائيليين، وجاءت كما يلي: إن إسرائيل تنتهك المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السجناء الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، وتنتهك المادة 65 من اتفاقية جنيف الرابعة بإخفاقها في ترجمة الأوامر العسكرية ذات الصلة إلى اللغة العربية، وتنتهك المادة 2 المتعلقة بالتمييز، والمادة 3 المتعلقة بمصالح الطفل، والمادة 37 (ب) المتعلقة بالتسرع في اللجوء إلى الاحتجاز، والمادة 37 (ج) المتعلقة بعدم الفصل عن البالغين، والمادة 37 (د) المتعلقة برؤية محام على وجه السرعة، والمادة 40 المتعلقة باستخدام القيود، من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وانتهكت إسرائيل الحظر المفروض على المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بحسب المادة 37 (أ) من اتفاقية حقوق الطفل”. وأكد التقرير أنه يجب احتجاز كافة الأطفال الفلسطينيين بموجب القانون العسكري الإسرائيلي، في منشآت في الأرض الفلسطينية المحتلة وليس في إسرائيل لأن ذلك يعد انتهاكا للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة.

وتتخذ سلطات الاحتلال من قضايا الأسرى الأطفال مورداً للدخل[48]، من خلال استمرار سياسة فرض الغرامات المالية الجائرة والباهظة، وخاصة في محكمتي “عوفر” و”سالم”، التي تحولت إلى سوق لابتزاز ونهب الأسرى وذويهم، فلا يكاد يخلو حكم إلا ويرافقه غرامة مالية قد تصل إلى عشرة آلاف شيكل؛ الأمر الذي أرهق كاهل عائلاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلاً في الأراضي الفلسطينية، ففي العام 2011 دفع الفلسطينيون 13 مليون شيكل غرامات في المحاكم العسكرية العاملة في الضفة الغربية. وليس مثل جهاز القضاء الجنائي في إسرائيل، في الجهاز العسكري الإسرائيلي الذي يحاكم الفلسطينيين، الغرامات هي جزء لا يتجزأ من العقاب. وتجبى الغرامات في الإدانات في كل أنواع الملفات التي تبحث في المحكمتين العسكريتين “عوفر” و”سالم”. ويبدو أن جشع الاحتلال في تزايد مستمر إذ تراوحت مبالغ الغرامات التي جبتها المحكمتان العسكريتان من مدانين فلسطينيين بين 9.603.734 شيكلاً في 2007، بينما بلغت 13.141.813 شيكلاً في 2011. والغرامات في جهاز القضاء العسكري في الضفة الغربية، هي جزء لا يتجزأ وتلقائي من عقاب الفلسطينيين ومضافة إلى الحبس، ليس مثلما في جهاز القضاء الجنائي في إسرائيل حيث فرض الغرامات هو نادر[49].

وقد قررت وزارة الأسرى والمؤسسات المعنية وبالتشاور مع الأسرى في المعتقلات، وقف دفع الغرامات المالية للمحاكم العسكرية الإسرائيلية. وأشار وزير الأسرى أن الأموال التي تدفع للمحاكم يتم من خلالها تمويل أجهزة الاحتلال الإدارية والأمنية وأنها غير مستردة لخزينة السلطة، وتعتبر عبئاً اقتصادياً كبيراً على الأهالي والسلطة الوطنية.
وأوضح أن عقوبات فرض الغرامات على الأسرى في المحاكم الإسرائيلية، أصبحت منهجاً وجزءاً من السياسة القضائية الإسرائيلية، وأن هذه الأموال تعتبر جباية غير مشروعة من الشعب الفلسطيني، وأن 90 % من الأسرى الذين يحاكمون يتم فرض غرامات عليهم. وقال قراقع إن وزارة الأسرى ستشكل فريقاً قانونياً لإعادة دراسة “اتفاقية الكنتين” التي وقعت بين الوزارة ومصلحة السجون عام 2008، حيث أن هذه الاتفاقية فيها إجحاف شديد بحق الأسرى، إضافة إلى استخدام الاتفاقية لجني أرباح طائلة لصالح الخزينة الإسرائيلية، من خلال رفع الأسعار وخصم مبالغ من الكنتين كعقوبات على الأسرى[50]. والحقيقة أن المرء يحار تجاه ما تسمى بـ”اتفاقية الكنتين” ومدى مشروعيتها، حيث أن على الدولة الحاجزة تقديم الرعاية الطبية للأسرى وبدون مقابل وبدون تمييز[51]، وتكون وجبات الطعام كافية من حيث كميتها ونوعيتها وتنوعها، لتكفل المحافظة على صحة أسرى الحرب في حالة جيدة.

تعذيب منهجي

تجمعت على مر السنين شكاوى معتقلين وسجناء فلسطينيين من منع النوم ساعات طويلة، وتقييد مؤلم طويل، وأعمال إذلال وضربات قاسية وإهمال طبي والجلوس الطويل على كرسي زمن التحقيق الطويل. وهذه أعمال تعذيب بحسب التعريفات الدولية. وتبين تقارير المعتقلين المقدمة إلى محاميهم أن استعمال منع النوم مع التقييد الطويل والمؤلم شائعان جداً. وتبين في المحكمة العسكرية أيضاً أن المعتقلين يعترفون بما لم يفعلوه أو يُدينون آخرين عبثا – وذلك كي يدعوهم ينامون فقط[52].

ولعل أحد أحدث حالات التعذيب المنهجي والشرس بل واللاإنساني تتمثل في الشهيد جرادات، الذي تعرض لتعذيب شديد أدى إلى استشهاده بشكل مباشر. وكان الأسير جرادات اعتقل بتاريخ 18 شباط (فبراير) 2013 وقدم إلى المحكمة يوم 21 شباط من العام ذاته واستشهد بتاريخ 23 شباط أيضاً، أي بعد ستة أيام من اعتقاله. وقالت وزارة شؤون الأسرى، في بيان[53]أن الشهيد عرفات جرادات قد استشهد في 23 شباط الماضي خلال التحقيق معه وتعرضه للضرب والتعذيب، داخل قسم التحقيقات التابع للشاباك الإسرائيلي القسم 11 والذي يطلق عليه [العصافير] في سجن مجدو، والذي يضم عملاء ومستنطقين يعملون بأوامر وتعليمات جهاز الأمن الإسرائيلي”. وأضاف البيان “أن محاكم الاحتلال ومخابراته تعتمد نتائج التحقيقات في غرف العملاء والاعترافات المنسوبة للأسرى هناك، دون التدقيق والتمحيص في آليات انتزاع هذه الاعترافات”.

وعلى عكس ما ادعته السلطات الإسرائيلية، فإن التشريح الطبي أثبت أنه لا توجد أي دلائل على إصابته بنوبة قلبية مثلما ادعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بدليل أن آثار التعذيب ظهرت على أطرافه، ورقبته، ووجهه، وإلى جانب عموده الفقري، كما ظهرت آثار دموية حول فمه وأنفه. وأظهرت نتائج التشريح الأساسية[54]إصابات وكدمات آثار تعذيب على الظهر العلوية، وآثار تعذيب على منطقة الصدر من الجهة اليمنى، على شكل دائري، وإصابات واضحة جداً وآثار تعذيب شديد في العضلة أعلى الكتف من الظهر وبمحاذاة العمود الفقري أسفل العنق، وهي عميقة داخل الأنسجة، وآثار تعذيب تحت الجلد داخل العضلات في الجهة اليمنى الصدرية وتبعد عن العمود الفقري بـ27 سم”. وأكدت نتائج التشريح أن “القلب خال من أي علامات مرضية أو جلطات قلبية، والشرايين القلبية مفتوحة وسليمة، ولا يوجد أي آثار للتجلط، وهذا رد على الادعاء الإسرائيلي الذي أعلن أنه أصيب بجلطة قلبية. وهناك كسر في الضلعين الثاني والثالث من الجهة الصدرية اليمنى، وتكدمات حية حول الكسر، وجميع هذه الإصابات حديثة، وإصابات في باطن الشفة السفلية، ووجود سائل مدمم حول الأنف، وإصابات في منتصف العضلة لليد اليمنى.”

وباستشهاد جرادات يرتفع إلى 71 عدد الأسرى الذين استشهدوا في السجون الإسرائيلية جراء التعذيب، وإلى 203 من إجمالي عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي حسب وزارة شؤون الأسرى. وحسب إحصائية لوزارة الأسرى فإن عدد الشهداء الذين سقطوا في سجون الاحتلال، ارتفع باستشهاد الأسير عرفات جرادات وميسرة أبو حمدية إلى 204 شهداء. وعزت الوزارة أسباب استشهاد هؤلاء الأسرى إلى أربعة أسباب موضحة أن 71 أسيراً استشهدوا نتيجة التعذيب، و52 أسيراً نتيجة الإهمال الطبي، و74 أسيراً نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة، و7 أسرى بعدما أصيبوا بأعيرة نارية وهم داخل المعتقلات.

الإهمال الطبي للأسرى

تعتبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد واحدة من سياسات الاحتلال وأدواته، والتي قضى بسببها العشرات من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية للانتقام منهم ومن وذويهم. فطوال مراحل الاعتقال يتعرض المعتقل الفلسطيني للتعذيب الجسدي والنفسي، بتوازٍ مع سياسة الإهمال الطبي متعدد الأشكال ومنها الاحتجاز في بيئة مسببة للإصابة بأمراض عدة ومنها أمراض معدية ومزمنة وتهدد حياة الأسير.

وهناك ما يتراوح بين 1000 و1400 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، يعانون من أمراض خطيرة متعددة، كالسرطان وأمراض القلب والفشل الكلوي، وأن أغلبية الأسرى يشتكون من الربو والروماتيزم بسبب سوء تهوية غرف السجن وبرودتها. ويقبع عشرات الأسرى في مستشفى سجن الرملة، بينهم خمسة مصابين بالشلل، وترفض إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية عرضهم على أطباء متخصصين، كما ترفض الموافقة على طلبات يتقدم بها أهالي الأسرى للسماح بدخول أطباء من خارج السجن، مشيراً إلى أن عيادة السجن تفتقر إلى أبسط مستلزمات العلاج، وغالباً ما يتم صرف مسكنات فقط حتى لأولئك الذين يعانون من أمراض تحتاج إلى تدخل جراحي عاجل.

وذكرت وزارة شؤون الأسرى والمحررين بتاريخ الأول من نيسان (أبريل) 2013، أن نسبة الأمراض الخبيثة تصاعدت في صفوف الأسرى في السنوات الأخيرة لتصل إلى 25 حالة، بسبب الإهمال الطبي في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وقال تقرير صدر عن الوزارة، إن ظهور أمراض خبيثة وأورام سرطانية في أجسام الأسرى في الآونة الأخيرة يشير إلى خطورة الوضع الصحي للأسرى، وأن معظم هذه الأمراض يتم اكتشافها في وقت متأخر، بعد انتشارها بشكل كبير في أجساد المعتقلين[55]، كما جرى الحال بالنسبة للشهيد ميسرة أبو حمدية [56]الذي استشهد في الثاني من نيسان (أبريل) 2013.

وتشير المعطيات من داخل السجون، إلى تزايد أعداد المرضى خاصة النفسيين منهم، حيث يعاني 200 أسير من حالة الانفصام، و120 حالة صرع، و20 حالة تخلف عقلي نتيجة الإهمال الطبي. ويشارك الأطباء أنفسهم في سياسة التعذيب بحق الأسرى، فقد تم مؤخراً استحداث طريقة “الهز العنيف” من خلال أطباء وعلماء إسرائيليين للضغط على الأسرى، وإعطاؤهم أدوية مهدئة؛ لاستخدامهم كحقل تجارب لاختبارها[57].

وقامت مصلحة السجون الإسرائيلية بالتنصل من مسؤولياتها إزاء الحقوق الصحية والطبية للأسرى، فراحت تعمل جاهدة لتحميل الأسرى تكاليف علاجهم، الأمر الذي يعتبر انتهاكا لحقوق الأسرى الصحية كما نصت عليها اتفاقية جنيف الرابعة في مادتها 94 والمادة 15 من اتفاقية جنيف الثالثة التي توجب أن تتكفل الدولة التي تحتجز أسرى حرب بإعاشتهم دون مقابل وبتقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية مجاناً. وبات موضوع علاج الأسرى موضوعاً تخضعه إدارات السجون الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين؛ الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً للمواد 29 و30 و31 من اتفاقية جنيف الثالثة، وللمواد 91 و92 و94 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي كفلت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم. وتتمثل تلك الانتهاكات الصحية التي تمارسها إدارات السجون الإسرائيلية تجاه الأسرى والأسيرات، في ترسيخ سياسة الإهمال الطبي المتعمد، والمماطلة في تقديم العلاج، وإجراء العمليات الجراحية لكثير من الحالات المرضية والإصابات؛ الأمر الذي تسبب في وفاة مئات الأسرى المرضى والمصابين.

احتجاز جثامين الشهداء واستئصال أعضائهم

لا زالت إسرائيل تحتجز عشرات الجثامين لشهداء فلسطينيين وعرب سقطوا في ظروف مختلفة، وتلك الجثث تُحتجز في ثلاجات، أو في مقابر سرية تقع في مناطق عسكرية مغلقة ويمنع زيارتها أو الاقتراب منها أو تصويرها، وهي خاضعة لسيطرة الجيش ووزارة الدفاع. وهي عبارة عن مدافن بسيطة أحيطت بالحجارة بدون شواهد، ومثبت فوقها لوحات معدنية تحمل أرقاماً بعضها تلاشى بشكل كامل، إذ أن كل شهيد يحمل رقماً معيناً، ولهذا سُميت بمقابر الأرقام لأنها تتخذ من الأرقام أسماء للشهداء، ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهة الأمنية المسؤولة، ويشمل المعلومات والبيانات الخاصة بكل شهيد. ومقابر الأرقام عبارة عن مقابر بسيطة تفتقر إلى الأهلية والشرعية، وتوضع فيها الجثامين على عمق قليل مما يبقيها عرضةً للانجراف ويعرضها للنهش من قبل الكلاب الضالة[58].

وتم حتى الآن الكشف عن أربع مقابر للأرقام، إلا أن جهات عديدة ترجح وجود عدد سري آخر يخضع لرقابة وزارة جيش الاحتلال. وتعد مقبرة “جسر بنات يعقوب” الواقعة في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين وسوريا ولبنان، أكبر هذه المقابر حجماً، حيث تضم وفق إحصائيات إسرائيلية 500 شهيد من جنسيات فلسطينية ولبنانية وسورية وأردنية وأخرى عربية مختلفة، وليس ثمة ما يدل على هويات من فيها سوى لوحات الصفيح التي تحمل أرقاماً محيت بمرور الزمن. وتعتبر مقبرة “ريفيديم” في غور الأردن، والتي تسميها إسرائيل مقبرة “قتلى الأعداء”، ثاني أكبر هذه المقابر، حيث يرقد فيها رفات نحو 100 شخص، نصفهم من جنسيات عربية مختلفة سقطوا بعد حرب 1973، والنصف الآخر لمواطنين استشهد معظمهم في عمليات أو اشتباكات مع قوات الاحتلال أو تم اغتيالهم من قبل إسرائيل، ومن بينهم نحو 30 مواطناً نفذوا عمليات فدائية منذ العام 1994. كما سربت أنباء عن مقبرتين أخريين للأرقام، غير معلوم كم تضمان من الرفات، لكن قيل أن إحداهما مجاورة “لمقبرة ريفيديم”، والأخرى تسمى بـ”مقبرة شحيطة”، الواقعة في قرية واد الحمام شمالي طبريا، حيث وقعت معركة حطين. وهناك مقبرة أخيرة افتتحها الاحتلال في منتصف التسعينات هي مقبرة تقع في منطقة صحراء النقب.

وقد وثقت اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، قرابة 345 شهيداً فلسطينياً تحتفظ إسرائيل بجثامينهم منهم 40 مفقوداً. وتم توثيق هذا العدد بناءً على اتصال مباشر مع عائلاتهم، وهي عائلات في مناطق فلسطينية محتلة. ويذكر أنه ما قبل تاريخ 27 آب (أغسطس) 2008 لم تكن هناك أية لجنة أو جهة رسمية تُعنى بهذا الملف. والهدف من تشكيل هذه اللجنة هو استرداد كافة جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال في مقابر الأرقام، وتمكين عائلاتهم من تشييعهم وفق الشريعة والتقاليد وبما يحفظ الكرامة الوطنية[59].

ويلزم الأمر العسكري الذي أصدرته قيادة الأركان العامة في 1/9/1976، تعريف الجثث وترقيمها ونزع الوثائق والأغراض التي كانت مع الجثة، دون الحديث عن ضرورة تسليم هذه الجثث لذويها، وهو ما يدلل على أن إسرائيل قد قننت من عملية احتجاز الجثث في مقابر الأرقام، وتستخدم هذه الجثث كرهائن ولتحقيق أهداف سياسية دون الالتفات إلى البعد الإنساني والمعاناة التي تعيشها عوائل هؤلاء الشهداء. ويؤكد الباحث في شؤون الأسرى والمفقودين عبد الناصر فروانة[60] أن استمرار انتهاج سياسة احتجاز جثامين الشهداء والشهيدات، والإصرار على عدم الإفراج عنها، يضع تساؤلات كبيرة حول جدوى ودوافع وأهداف دولة الاحتلال من وراء ذلك ومنها “سرقة أعضاء الشهداء والشهيدات”، وإخفاء آثار جرائمها البشعة المتمثلة في طريقة قتلهم والتمثيل بجثثهم، ومستوى الانحطاط الأخلاقي والإنساني وعدم احترامها للقانون الدولي، مما يضع المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.”، تجاه سياسة معاقبة الشهداء بعد موتهم، ومضاعفة آلام وأحزان ذويهم، وحرمانهم من إكرامهم ودفنهم وفقاً للشريعة الإسلامية، واستخدم هذه الجثامين كورقة للمساومة والابتزاز.

وقالت وزارة الأسرى[61] في تقرير لها إن إسرائيل لم تحتجز الشهداء بهدف معاقبتهم ومعاقبة ذويهم فقط، وإنما لإخفاء الحقائق والأدلة والمعطيات التي تظهر أن الكثير من هؤلاء الشهداء قد أعدموا بعد أسرهم وإلقاء القبض عليهم، وأن الإصرار على احتجاز جثامينهم يستهدف إخفاء هذه الحقائق ومحاولة التهرب من المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، وخاصة استخدام أعضاء الكثيرين منهم كقطع غيار بشرية، وتعرض أعضائهم للسرقة، وصاروا حقولاً لتجارب طبية في إسرائيل.

ولعل ما أثبت ما تقدم، ما جاء في تقرير نشرته صحيفة “افتونبلاديت “السويدية، وهي الصحيفة الأكبر والأوسع انتشاراً في السويد، في عددها الصادر بتاريخ 19 آب (أغسطس) 2009، والذي حمل عنوان: “أبناؤنا مسلوبو الأعضاء”، والذي قوبل بردود إسرائيلية غاضبة جداً، اتهمت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل شبان فلسطينيين عمداً في قطاع غزة والضفة الغربية، بهدف سرقة أعضائهم الداخلية والمتاجرة بها، عبر شبكة دولية ضُبطت إبان شهر تموز (يوليو) عام 2009 في الولايات المتحدة، وضمت في عضويتها حاخامات يهوداً وتم اتهامها بالاتجار بالأعضاء البشرية وتبييض الأموال بشكل غير شرعي. وتضمن تقرير الصحيفة السويدية صورة لجثمان الشهيد “بلال”، وعليها أثر ندبة ممتدة من الوجه حتى المعدة، وصورة أخرى للحاخام اليهودي “ليفي اسحاق روزنبرغ” الذي اعتقل في نيويورك في تموز من العام نفسه، بتهمة الاتجار غير الشرعي بالكلى من إسرائيل وبيعها لمرضى أميركيين بقيمة 160 ألف دولار؛ في إشارة واضحة منها إلى علاقة قتل الفلسطينيين وسرقة الأعضاء البشرية منهم، بالشبكة التي ضبطت في الولايات المتحدة. وأشارت الصحيفة السويدية في تقريرها “إن شباناً فلسطينيين خطفوا من قراهم في منتصف الليل ودفنوا بعد انتزاع أعضائهم”، فيما تضمن التقرير شهادات فلسطينيين أكدوا أن القوات الإسرائيلية اعتقلت أبناءهم وأقاربهم، ومن ثم قتلتهم، وأعادتهم جثثاً هامدة بعد أيام وقد سلبت كل الأعضاء الداخلية منهم. ويقول الصحفيان السويديان في ختام التقرير: “نحن نعرف بأن الحاجة إلى الأعضاء في إسرائيل كبيرة جداً، وتجري تجارة غير قانونية بالأعضاء بمباركة السلطات الإسرائيلية وضلوع كبار الأطباء، ونحن نعرف بأن شباناً فلسطينيين اختفوا، احتجزوا خمسة أيام وأعيدوا بعد ذلك ليلاً بالسر، فيما اجتازت جثثهم تنكيلاً”.

وكانت شبكة “سي.ان.ان” الأمريكية ذكرت في شهر شباط (فبراير) 2010، أن إسرائيل هي مركز عالمي للتجارة غير القانونية للأعضاء البشرية. وأكدت البروفيسورة نانسي شبر يوز من جامعة كاليفورنيا أن “إسرائيل هي القمة” في هذا الموضوع وأن أذرعها تصل إلى كل العالم. وتعود بداية التحقيق، حسب نانسي، إلى اعتقال عشرات السياسيين، الموظفين والحاخامين في ولاية نيوجيرسي في الولايات المتحدة في شهر تموز (يوليو) 2009، وذلك في أعقاب اعتقال رجل الأعمال ليفي اسحق روزنبوم، الذي يعتبر رجل الارتباط المركزي في شبكة صينية – إسرائيلية – أمريكية للتجارة غير القانونية بالأعضاء[62].

وبعد هجوم الاحتلال الإسرائيلي الشرس على الصحافي السويدي الفاضح لجرائمها، حول سرقة الأعضاء من الموتى والأسرى الشهداء الفلسطينيين وزرعها في أجساد الجنود الإسرائيليين المصابين، أكد التلفزيون الإسرائيلي[63] صحة ما تم نشره حول سرقة الأعضاء من الموتى الفلسطينيين، وأن أعضاء كالقرنيات والعظام إضافة إلى جلد الظهر كانت تنتزع من الشهداء دون موافقة عائلاتهم. وحسب التلفزيون الإسرائيلي فإن “يهودا هس” مسؤول الطب التشريحي والقضائي السابق في معهد أبو كبير في إسرائيل، كان قد سجل شريطاً طوله 57 دقيقة، ظهر بعد تسجيله بعشر سنوات، يبين كيفية انتزاع الأعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين، وما كان يحدث في الخفاء في معهد التشريح. ويقول هس في الشريط: “كنا نأخذ القرنيات ولم نكن نخلع العين، ونغطي مكان القرنية ونغلق العين، وكنا نفعل ذلك من أجل البحث العلمي”. ويضيف: “كنا نعطي هذه الأعضاء للمستشفيات في إسرائيل لا سيما مستشفى تل هشومير في تل أبيب؛ لأن الأطباء هناك أصدقائي ولم نأخذ أموالاً مقابل ذلك، لكن المستشفى أعطانا بعد 4 سنوات ميكروسكوباً. كما قمنا بتزويد مستشفى هداسا في القدس بالأعضاء، وأعطونا مقابل ذلك جهاز فيديو لتصوير الأعضاء الداخلية للجثة”.

وفي محاولة لوأد هذه الجريمة التي أفشى سرها معهد الطب الشرعي الإسرائيلي “أبو كبير”، أعلن عن خطة إسرائيلية تقضي بالشروع بدفن 8000 جثة وعضو بشري، كان يحتفظ بها المعهد المذكور داخل أوعية زجاجية منذ عام 2000 في مقبرة جماعية، على أن يسمح بعدها للعائلات التي ترغب في استرداد جثمان الفرد الذي يخصها مقابل تحمل هذه العائلات التكاليف المالية عن هذه العملية.

وطالبت قيادة الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين بتاريخ 17 نيسان (أبريل) 2012، حكومة الاحتلال الإسرائيلي باستثناء جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب من الخطة، التي هي تنكر لواجبات حكومة إسرائيل التي يلزمها بها القانون الدولي، والتي تفرض على إسرائيل واجب الاحتفاظ بجثامين ضحايا حروبها في أماكن معروفة، والاحتفاظ بالسجلات اللازمة للتعرف على هوية الجثمان، إلى جانب الاحتفاظ بممتلكاته ومقتنياته الشخصية وإعادتها عند إعادة الجثمان لذويه. وقالت الحملة في بيان لها: “إن مثل هذا القرار هو إمعان من حكومة إسرائيل في تحديها للقانون الدولي الإنساني، ولما نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949، والتي تلزمها بإعادة جثامين ضحايا حروبها من الفلسطينيين والعرب إلى بلدان مواطنة هؤلاء الشهداء أو إلى عائلاتهم فور مطالبتهم بها”.

إن هذه الجرائم تستوجب تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الجرائم[64]، التي تناولها تقرير الصحيفة السويدية وتقرير التلفزيون الإسرائيلي، وفي كافة جرائم القتل والإعدام المباشر وغير المباشر للأسرى والمعتقلين بعد اعتقالهم مباشرة أو داخل سجونها ومعتقلاتها، واستمرارها في احتجاز الجثامين باعتبارها انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني والقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية.

نحو آليات تفعيل حقوق الأسرى الفلسطينيين

اتخذ مجلس حقوق الإنسان عشرات القرارات، التي تطالب إسرائيل بالامتثال للقانون الدولي وإطلاق سراح الأسرى، لكنّ أيّاً من هذه القرارات لم ينفّذ. وانعقد مؤتمر دولي في نيسان (أبريل) 2012 بالمقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، ركز على الآثار القانونية والسياسية للسجناء السياسيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ومراكز الاعتقال. وهدف المؤتمر، إلى رفع مستوى الوعي حول قضية الأسرى وحشد المجتمع الدولي لطرح هذه القضية، وصولاً إلى إطلاق سراحهم وإعادة دمجهم في المجتمع الفلسطيني. ويعدّ هذا المؤتمر الثاني بعد مؤتمر آذار (مارس) 2011 في مقر الأمم المتحدة في العاصمة النمساوية، فيينا، حول الموضوع ذاته وفق قرارات الجمعية العامة 66/14 و1566/30. وقررت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 20/5/2010، تشكيل لجنة طبية دولية مختصة بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي، لزيارة السجون والاطلاع على أوضاع الأسرى المرضى، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحول دون وصول أية لجان أو وفود دولية لزيارة هذه السجون رغم المحاولات المتكررة لذلك. ولعل من الضرورة بمكان تفعيل واجبات الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الأربع، لعقد مؤتمر للدول الأطراف يلزم إسرائيل على الاعتراف بانطباق هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية. وقد بات من الواجب الإسراع بالانضمام لاتفاقيات جنيف، خاصة وأن الأمر قد بات ممكناً بعد قبول فلسطين بالأمم المتحدة كعضو مراقب في 29 تشرين الأول (نوفمبر) 2012، والذي من شأنه تعزيز المكانة القانونية للأسرى، وإثارتها في كافة أطر المنظمات الدولية المتخصصة.

إن كل ما تقدم، يطرح أسئلة عديدة حول الواجبات اللازمة وطنياً، وعلى كافة الأصعدة تجاه الأسرى الفلسطينيين؟ وعن السبيل الذي سيُجبر سلطة الاحتلال الإسرائيلي، على الإذعان لواجباتها القانونية الدولية العرفية منها والوضعية أيضاً، تجاه الأسرى الفلسطينيين؟ وكذلك عن كيفية تفعيل آليات الشرعية الدولية في هذا المضمار؟ ولعل من الضرورة بمكان إبراز التوصيات الرئيسة التالية:

  • إحياء قرارات الشرعية الدولية المنسية إذ أن هناك عشرات القرارات القانونية بشأن مشروعية المقاومة الفلسطينية والأسرى البواسل، وهذه القرارات تشكل أساس الشرعية الدولية التي لا تسقط بالتقادم بشأن الموضوع، وتشكل أيضاً أحد مصادر قوة المفاوض الفلسطيني. ولا يخفي على أحد أن هذه الورقة أيضا لم يحسن استخدامها ولم يتم وضع آليات متابعة لها بعد عناء استصدارها. ونظرا لخطورة هذه القرارات عمدت إسرائيل إلى تعطيل دور الأمم المتحدة وقراراتها، وكانت دائما تحاول أن تفرض إطار مرجعيتها، الذي يقلب الحقيقة وينطلق من منطلقات مُغايرة تماماً تعتبر المقاومة بموجبه “إرهاباً” والأسرى “مخربين”. إن إعادة تفعيل الإطار القانوني الدولي لمشروعية المقاومة الفلسطينية، تعتبر الأساس الناظم لأي تحرك في موضوع الأسرى.
  • مساندة الخطوات تجاه تفعيل “مبدأ الاختصاص العالمي”، تجاه جرائم الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة لمبادئ وقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني، وتجاه الجناة والمجرمين الإسرائيليين في المحاكم الدولية المختصة، خاصة بعد تقرير جولدستون. وكسب التعاطف والتأييد والرأي العام العالمي، وبناء حركة تضامن ومساندة عالمية، وتشكيل جماعات الضغط على الأصعدة الرسمية والشعبية في العالم، لتفعيل المقاطعة الأكاديمية ومنتوجات المستوطنات والشركات التي تساهم في إدامة الاحتلال؛ بغية بناء جبهة عالمية مساندة ومؤازرة، لفرض عقوبات دولية بأشكال مختلفة، ما يجعل كلفة الاحتلال باهظة على الصُعد السياسية والاقتصادية وغيرها، لإرغامه على الاستجابة للمطالب والحقوق الوطنية الفلسطينية في تحرير الأسرى وتقرير المصير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية ذات الاستقلال والسيادة الناجزة وعاصمتها القدس.
  • الإسراع بالانضمام إلى اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها لعام 1977، وذلك لإلزام الدول المتعاقدة السامية بتطبيق المادة الأولى المشتركة في الاتفاقيات تلك والقاضية باحترامها وفرض تطبيقها، خاصة وأن مؤتمر الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة المعني بالتدابير الرامية إلى إنفاذ الاتفاقية على الأرض الفلسطينية بتاريخ 15 تموز (يوليو) 1999، والإعلان الذي اعتمده المؤتمر الذي أُعيد عقده في 5 كانون أول (ديسمبر) 2001، أكد ضرورة أن تتابع الأطراف تنفيذ الإعلان. ولا يتطلب الانضمام إلى اتفاقيات جنيف والذي سبق لفلسطين أن تقدمت بطلب الانضمام إليها في حزيران (يونيو) 1989، سوى رسالة من رئيس دولة فلسطين إلى نظيره السويسري باعتبار سويسرا هي الدولة الحاضنة للاتفاق، تتضمن طلب الانضمام، لتصبح فلسطين من الدول السامية المتعاقدة، تقديم صك الانضمام إليها. ودراسة إمكانية وجدوى الانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ليصار من ثم إلى رفع قضية الأسرى والجرائم الإسرائيلية المنهجية تجاههم إلى محكمة الجنايات الدولية، لاعتبار أن إسرائيل لا تزال تمعن بالتنكر لكل ما تقدم من إطار قانوني ناظم لشرعية كفاحهم ولحقوقهم المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني، وترتكب من الجرائم ضد الأسرى ما يستوجب تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ذلك الاختصاص الذي نصت عليه الفقرة (أ) و(ب) من المادة السادسة بشأن الإبادة الجماعية، والفقرات (أ) و(د) و(ه) و (و) من المادة السابعة بشأن الجرائم ضد الإنسانية في النظام الأساسي للمحكمة، والفقرات 1 و2 و3 و6 و7 من المادة الثامنة بشأن جرائم الحرب في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المبرم في 17 تموز (يوليو) عام 1998. وبإمكان فلسطين الانضمام إلى نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية من خلال المادة 12 (3) ذات الصلة. ويبدأ نفاذ هذا النظام في اليوم الأول من الشهر بعد 60 يوماً من إيداع صك الانضمام. ولا يمكن الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، إلا بعد استكمال إجراءات الانضمام لنظام روما الأساسي.
  • توثيق سجل الأسرى الخالد والمُشرف، وتوثيق الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية تجاه الأسرى، وإعداد ملف قانوني مبني على الوقائع والوثائق والشهادات المشفوعة بالقسم، وخاصة تلك التي قامت بتوثيقها منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، وما يتوافر من أدلة وقرائن وإثباتات واعترافات في الصحافة والمطبوعات الإسرائيلية؛ في عملية تراكمية ومنهجية وعلمية احترافية، لإعداد ملف التجريم لإسرائيل جراء سياساتها وممارساتها الإجرامية تجاه الأسرى، وما سينشأ عن ذلك من جوانب إجرائية وموضوعية ومقتضيات واستحقاقات قانونية دولية آتية لا محالة.
  • التأكيد والمطالبة الدؤوبة بحق الأسرى في الانعتاق والحرية، والمطالبة بحقوق التعويض وجبر الضرر المادي والمعنوي والنفسي الذي لحق بهم، جراء سنوات الاعتقال وما أجبروا على تحمله من تعذيب ومعاناة إنسانية يصعب وصفها، باعتبار ذلك من أبسط الحقوق المكفولة والمحمية بموجب قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
  • البدء بحملة قانونية وحقوقية وبالتعاون مع منظمات دولية، وفي مقدمتها الصليب الأحمر الدولي ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان، لمتابعة انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى المعزولين وتجريم إسرائيل على تلك السياسة.
  • تنشيط أطر وأشكال المقاومة الشعبية بأشكالها المتعددة، لبناء حركة جماهيرية فاعلة ومساندة، تتسم بالديمومة وتبتعد عن الموسمية، لإثارة موضوع الأسرى على الجبهة الإعلامية وجعلة عنواناً دائماً لدى وكالات الأنباء والفضائيات الإعلامية؛ خاصة أن موضوع الأسرى يمس كل عائلة وأسرة بل ويمس الكرامة الوطنية.
  • أنسنة قضية الأسرى، وذلك من خلال إعطائها البعد الإنساني وليس الرقمي والوصفي فقط، عبر العديد من الوسائل والطرق ذات الأبعاد النفسية والإنسانية والأسرية والمجتمعية عموماً، والإحاطة بإنسانية الأسير بذاته الشخصية والأسرية والوطنية.
  • دراسة سبل الامتناع عن المثول أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، باعتبارها أدوات احتلالية ظالمة ومجحفة وتفتقد إلى المشروعية ولا تلتزم بأبسط المعايير والمبادئ الدولية الواجبة، وباعتبارها تُشكل محاولة ووسيلة لسبر أحكامها الإجرامية بالشكليات التي تتمظهر بالعدالة والمشروعية.
  • دراسة إمكانية وقف تحمل دولة فلسطين وأسر الأسرى للمسؤولية المعيشية للمعتقلين في ما يسمى “الكنتين”، والإصرار على تحميل الاحتلال الإسرائيلي هذه الالتزامات، وفضح ممارسات الاحتلال بشأن استثمار حالات الاعتقال واستغلالها، بما فيها فرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى الفلسطينيين.

الهوامش

[*] باحث ومستشار قانوني.

[1] د. كمال حماد، الإرهاب والمقاومة في ضوء القانون الدولي العام. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2003، ص 65-66.

[2] المصدر السابق، ص63.

[3] القانون الدولي المتعلق بسير العمليات العدائية. إصدار اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 1996، ص17.

[4] البروتوكول الإضافي الأول والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية لعام 1977. الأمم المتحدة، حقوق الإنسان: مجموعة صكوك دولية، المجلد الأول، الجزء الثاني، نيويورك 1993، ص 1317 وما بعدها.

[5] د. كمال قبعه، أسرى المقاومة الفلسطينية والقانون الدولي الإنساني. ورقة بحث غير منشورة قدمت إلى: “المؤتمر الدولي حول قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي”، المنعقد في أريحا بتاريخ 24 و25/11/2009.

[6] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 (د 15) حول منح الاستقلال للشعوب والأقاليم المستعمرة بتاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر) 1960.

[7] قرار الجمعية العامة رقم 3314 (29) في 14/12/1974.

[8] اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، الأمم المتحدة، حقوق الإنسان: مجموعى صكوك دولية، المجلد الأول، الجزء الثاني، نيويورك 1993، ص1034 وما بعدها.

[9] اتفاقية جنيف المادة 2.

[10] اتفاقية جنيف المادة 4.

[11] للاستزادة يمكن مراجعة: الأمم المتحدة، منشأ القضية الفلسطينية وتطورها 1917- 1988، نيويورك، 1990، ص 202 وما بعدها. خليل إسماعيل الحديثي، القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة: مرحلة أخرى من الصراع بين الشرعية والقوة. مجلة شؤون عربية، العدد 56/ كانون أول (ديسمبر) 1988، ص 82 وما بعدها.

[12] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2672 بتاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970.

[13] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2102 والصادر في شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 1973.

[14] القرار رقم 1514 لسنة 1960، والقرار رقم 2015 لسنة 1964.

[15] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/103 بتاريخ 14 كانون أول (ديسمبر) عام 1962.

[16] قرار الجمعية العامة 37/43 بتاريخ 3/12/1982.

[17] انظر قرارات الجمعية العامة 1514 و 3070 و 3103 و 3246 و3328 و3421 و 3481 و 31/91 و 32/42 و 32/154.

[18] إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول لعام 1970، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625 (الدورة 25) 1970.

[19] قرار الجمعية العامة 2649 (الدورة- 25) الصادر في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1970.

[20] شكري، د. محمد عزيز، تاريخ القانون الدولي الإنساني وطبيعته، دراسات في القانون الإنساني. القاهرة: دار المستقبل العربي، 2000، ص19.

[21] الزحيلي، د. وهبه، آثار الحرب في الفقه الإسلامي (دراسة مقارنة )، دمشق: دار الفكر، 1998، ص41.

[22] نقفين، ياسمين، مركز أسير الحرب موضوع جدال، المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد 2002م، إصدار اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ص202 و206.

[23] الفتلاوي، د. سهيل حسين و ربيع، د. عماد محمد ربيع، القانون الدولي الإنساني. عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2007، ص 260 و267.

[24] البلتاجي، د. سامح جابر، حماية المدنيين في زمن النزاعات المسلحة. دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص 77.

[25] المادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة.

[26] المادة 31 من المصدر نفسه.

[27] المادة 32 من المصدر نفسه.

[28] انظر م/41 من البروتوكول الأول لعام 1977، وهي بعنوان حماية العدو العاجز عن القتال، فقد نصت الفقرة (1) منها على أنه “لا يجوز أن يكون الشخص العاجز عن القتال أي الذي يعترف بأنه كذلك لما يحيط به من ظروف محلاً للهجوم” وبينت في الفقرة (2) “إن الشخص يعد عاجزا عن القتال إذا:

أ- وقع في قبضة الخصم.

ب– أفصح بوضوح عن نيته بالاستسلام.

ج- أو إذا فقد الوعي أو أصبح عاجزاً على نحو آخر بسبب الجرح أو المرض ومن ثم أصبح غير قادر عن الدفاع عن نفسه شريطة أن يحجم في أي من الحالات هذه عن أي عمل عدائي وألا يحاول الفرار.

[29] يعتبر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية جريمة حرب طبقا للمادة 8/2/ أ/ii من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويعتبر احتجاز الأسرى كرهائن جريمة حرب طبقا للمادة 8/2/ أ/viii، كما أن قتل أو جرح المقاتل الذي استسلم، أو أصبح عاجزاً عن القتال، يعتبر جريمة حرب طبقا للمادة 8/2/ /ب/ vi من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

[30] المادة 5/2 من الاتفاقية الثالثة والمادة 50/1 من البروتوكول الأول الملحق لعام 1977.

[31]المادة 1/2 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.

[32] حقوق الإنسان: مجموعة صكوك دولية. الأمم المتحدة، نيويورك، 1993، ص 1024.

[33] جدعون ليفي، المجتمع الإسرائيلي لا يبدي اهتماماً بالسجناء الفلسطينيين، هآرتس/ الأيام 1 آذار (مارس) 2013.

[34] عماد نوفل، الاعتقال الإداري والقوانين الدولية، www.alzaytouna.net/permalink/10219.html، تاريخ الاقتباس 8 آذار (مارس) 2013.

[35] عماد نوفل، الاعتقال الإداري والقوانين الدولية، المصدر السابق.

[36] عميره هاس، اعتقال اداري لـ28 سنة، هآرتس/ القدس/ الحياة 20/2/2013.

[37] عميرة هاس، اعتقالات تعسفية، هآرتس/ الحياة بتاريخ 20/2/2013.

[38] المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى، العزل الانفرادي، pcdd.ps/?scid=100&id=1729&extra=news&type=34 ، تاريخ الاقتباس 25 آذار (مارس) 2013.

[39] وزارة الاسرى: سياسة العزل الانفرادي تتصاعد في السجون، www.shasha.ps/more.php?id=54248، تاريخ الاقتباس 28 آذار (مارس) 2013.

[40] مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، العزل، www.wafainfo.ps، تاريخ الاقتباس27 آذار (مارس) 2013.

[41] تال أسيف وسحر فرنسيس، العزل والإفراد للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، إصدار مظمة أطباء لحقوق الإنسان ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، دار النشر/ بلا، مكان النشر/ بلا، ص 10.

[42] المصدر نفسه، ص 11.

[43] المصدر نفسه، ص12.

[44] الأطفال الأسرى في السجون الصهيونية، www.palestine-info.com/arabic/spfiles/asra_05/asra3.htm، تاريخ الزيارة 2 نيسان (أبريل) 2013.

[45] اليونيسيف، الأطفال في الاحتجاز العسكري الإسرائيلي: ملاحظات وتوصيات، صدر بتاريخ 6/3/2013، صحيفة القدس (رام الله) 6 آذار (مارس) 2013.

[46] نشرة الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين حول الأطفال المحتجزين، حزيران (يونيو) 2012؟

[47]الأطفال في الاحتجاز العسكري”، صدر في لندن في 26 حزيران (يونيو) 2012.

[48] الأسرى الأطفالمركز المعلومات الوطني الفلسطيني، www.wafainfo.ps ، تاريخ الاقتباس 6/3/2013.

[49] عميرة هيس، الغرامات على الفلسطينيين، من وماذا تمٌول؟ هآرتس/ الأيام 9 آذار (مارس) 2013.

[50]الحياة الجديدة (رام الله) بتاريخ 3 نيسان (أبريل) 2013. قراقع: دراسة لوقف دفع الغرامات المالية وفتح اتفاقية “الكنتين، www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=581252، تاريخ الاقتباس 2 نيسان (أبريل) 2013.

[51] المادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة.

[52] عميره هاس، ينبغي التحقيق مع المحققين، هآرتس/ الحياة الجديدة 26 شباط (فبراير) 2013.

[53] الحياة الجديدة (رام الله) بتاريخ3 آذار (مارس) 2013.

[54] صحيفة القدس (القدس) بتاريخ 24/2/2013.

[55] صحيفة الأيام (رام الله) بتاريخ 2 نيسان (أبريل) 2013.

[56] اعتقل ميسرة أبو حمدية عدة مرات لدى السلطات الإسرائيلية التي أبعدته في العام 1978 إلى الأردن، وعاد إلى الضفة الغربية في العام 1998 لينخرط في صفوف جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني. واعتقل في العام 2002 وحُكم عليه بالسجن المؤبد. وتوفي الأسير أبو حمدية جراء الإهمال الطبي بعدم معالجته من السرطان إلا متأخراً عن عمر 64 عامًا، صباح الثاني من نيسان (أبريل) 2013، في مستشفى سوركا الإسرائيلي الذي تم نقله إليه قبل عدة أيام فقط من استشهاده للعلاج.

[57] مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، الأوضاع الصحية للأسرى، www.wafainfo.ps، تاريخ الاقتباس 2 نيسان (أبريل) 2013.

[58] البيادر السياسي، السنة الثانية والثلاثون، العدد 1019، بتاريخ 5 أيار (مايو) 2012.

[59] أوقفت حكومة إسرائيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية يوم الثالث من شهر تموز (يوليو) عام 2011، والذي قضى بالإفراج الفوري عن 84 جثمانا لشهداء فلسطينيين، يتلوه وخلال شهرين من تاريخه الإفراج عن 102 من الجثامين.

[60] www.felesteen.ps/index.php?page=details&nid=22025

[61] صحيفة الأيام (رام الله)، بتاريخ 25 آب (أغسطس) 2009.

[62] تم إقالة البارونة جنيفر تونج الطبيبة البريطانية وعضو مجلس اللوردات البريطاني، من منصبها بمجلس اللوردات على خلفية اتهامها للوفد الطبي الإسرائيلي في هاييتي بسرقة الأعضاء البشرية لضحايا الزلزال. وكانت تونج قد اتهمت الجنود الإسرائيليين بـ”حصد” الأعضاء البشرية من ضحايا الزلزال المدمر لجزيرة هايتي، تحت مظلة المشاركة في أعمال الإغاثة” لمنكوبي الزلزال، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل في ذلك. واتهم الناشط الامريكي ويدعى ت. ويست، البعثة الطبية الإسرائيلية التي دخلت هايتي بذريعة مساعدة منكوبي الزلزال، بسرقة الأعضاء البشرية لضحايا الكارثة التي أدت إلى مقتل أكثر من مائتي ألف شخص وإصابة وتشريد الملايين. المصدر: إقالة سياسية بريطانية إتهمت إسرائيل بسرقة أعضاء ضحايا زلزال هاييتي، www.alasra.ps/news.php?maa=View&id=1043،

[63] ajrasal3awda.ahlamontada.net/t8240-topic الاقتباس بتاريخ 28 آذار (مارس) 2013.

[64] شكل رئيس الوزراء د.سلام فياض لجنة وزارية للتحقيق بسرقة الاحتلال الإسرائيلي لأعضاء جثامين الشهداء، من وزير الخارجية د. رياض المالكي، والداخلية د. سعيد أبو علي، والصحة د. فتحي أبو مغلي، وكلفها بضرورة تحري كافة الحقائق المتعلقة بسرقة الاحتلال الإسرائيلي لأعضاء جثامين الشهداء، في أسرع وقت. صحيفة الحياة الجديدة بتاريخ 17 كانون الأول (ديسمبر) 2008.

شؤون فلسطينية العدد 252

 

التعليقات على خبر: الوضع القانوني لأسرى المقاومــة الفلسطينية

حمل التطبيق الأن